الرئيسية » » شَـذَرَاتٌ مِنْ كِـتَـابِ الجَمْرِ | شاهـيـن السّـافـي

شَـذَرَاتٌ مِنْ كِـتَـابِ الجَمْرِ | شاهـيـن السّـافـي

Written By غير معرف on الأربعاء، 31 يوليو 2013 | يوليو 31, 2013

شَـذَرَاتٌ مِنْ كِـتَـابِ الجَمْرِ



شعـر: شاهـيـن السّـافـي


-1-

نغمٌ..
وسراجٌ قَمَرِيُّ السِّحْنَةِ..
واسترْخَاءُ النّرْجِسِ يَطْرُقُ بابًا
تَفْتَحُهُ وَرَقَاتُ التُّوتْ

لمْ ينزِلْ هذا التّلُّ إلى دَوْرَتِهِ..
وانْتفَضَ الجُرْحُ القائمُ بالأعْمالِ لدَى عَوْرَتِهِ..
صَمْتُ النّرْجِسِ بينَ يديَّ صَريرُ الموْتى
هلْ قَدَري أن أحْيَا
كيْ أُرْجِعَ هذا الجَمْرَ إلى حُمْرَتِهِ..

الأعيُنُ والدّمْعُ..
وبَيْتُ الطّاعَةِ..
والسَّمْعُ..
وبينَ اللّحْظَةِ.. واللّهْفَةِ
يصْرُخُ هذا الجَمْعُ:
"غريبٌ أمْرُكَ يا بلدي!
سُرّاقُ اليَوْمِ.. كما سُرّاقُ الأمسِ الأوّلِ والآخِرِ..
تَمْتَدُّ لهمْ أيْدٍ صَفراءَ
فَنَكْشِفُهَا..
الشّوكُ كثيفٌ..
مُنْتَحِلٌ صِفَةَ الحِصْنِ أمامَ الوَرْدَةِ..
مُرْتَجِفٌ.. لا يُدْمِي من يَقْطِفُهَا..!
هلْ تونسُ هذي..
أمْ تونسُ أُخْرى.. لا نَعْرِفُهَا؟!






-2-

نَغَمٌ..
وسِراجٌ قَمَرِيُّ السِّحْنَةِ..
واسْتِقْواءُ البَطْشِ بداءِ العَرْشِ..
يُغَلِّقُ أبْوابَ المَلَكُوتْ

الرّايةُ لمْ تَتْعَبْ
والرّحْلَةُ لمْ تَرْسُمْ بَعْدُ خريطَتَها الفُضْلَى:
وطنٌ للتّغريدِ..
وآخَرُ يُشْرِعُ تغْريبَتَهُ..

بلدي..
أوْجاعُ الأمْسِ تُرَتّلُ صَرْخَةَ هذا اليوْمْ
بلدي..
خفْقَةُ جُرْحٍ أَعْمَى
تَرْقُدُ بينَ العَارِ.. وبينَ نُعَاسِ القَوْمْ

للعَارِ ضميرٌ مِهْنِيْ
يَسَعُ المَشْرِقَ والمَغْرِبْ
والعارُ نُمَيْرٌ وَرَقِيْ
عَيْنٌ تَتْبَعُ كُلَّ خُطَايَ..
وأخْرَى تَتَرَقَّبُ.. ما تترقَّبْ
رُزْمَةُ أَوْراقٍ في يدِهِ
أُخْرى في المَكْتَبْ
لا يَقْطَعُ تَذْكِرَةً لِعُبُورِ الهَاتِفِ
يَعْبُرُهُ أنَّى يَرْغَبْ
أَسْمَعُ أصْداءهُ تَقْفِزُ في كَلِمَاتي رفاقي
جَوّالٌ –ابنُ الكَلْبَةِ- في الهَاتفِ
-كالهَاتِفِ- جَوّالٌ.. لا يَتْعَبْ







-3-
منْ رَحِمِ الشّمْسِ تُكَوِّرُ سُمْرَةَ هذا الوَجْهِ
وتَكْتُبُ فوْقَ جبينِهِ قطْرَةَ حُبْ
أخْشَعُ للكلِماتِ الكُبْرى
أرْفَعُهَا بينَ يَدَيَّ حُداءً للعَاصِفَةِ الكُبْرَى
وأقُولُ: انطَلِقِي ألْوِيَةً
تُسْرِجُ هذا الصّوْتَ الرَّحْبْ
حُنْجُرَتِي.. شَفَتِي.. أحْلامِي.. والنَّغَمُ الصَّعْبْ

يَنْشُدُنِي ماسِحُ أحْذيَةٍ في المقْهَى:
"خلّ –دَقَائقَ- بينَ يَدَيَّ وبينَ حِذائكَ.."

عفْوًا!
أعْرِفُ أنّ الخُبْزَ عَنيدٌ
أنّ العَيْشَ أمَرُّ وأدْهَى..
لكنّي مِثْلُكَ..
تولَدُ أفْكَاري..
أشْعاري تورِقُ منْ أنّةِ شَعْبْ
طَاوِلَتِي.. قَلَمِي.. أوْراقي.. والزّمَنُ الصّعْبْ

المَرْفَأ والصّدَفُ
والمَوْجُ سَرايَا.. تَرْكُضُ لا تَقِفُ..
والرّمْلُ المَحْمولُ عَلَى أعْذاقِ الشّمْسْ
ومِرْساةٌ تَكْتُبُ قِصَّتَهَا من صَدَإِ الهَمْسْ
ونَاقِلَة الجُنْدُبِ من صحْراءِ القوْلِ
إلى قافلةِ المَعْنى..
أتَأَرْجَحُ فوْقَ ضِفافٍ
قِيلَ: ضِفَافُ الشّرخِ –إذا شئنا-
وضفافُ الغَرْبْ
صاريتي.. حَبْلِي.. أشْرِعَتي.. والسّفَرُ الصّعْبْ









-4-

نَغَمٌ..
وسِرَاجٌ قَمَرِيُّ السِّحْنَةِ
واسْتِنْزالُ الغَيْمَةِ بينَ ثُقُوبِ الخَيْمَةِ
تَعْتَصِرُ اللاّهوتَ على النّاسُوتْ


لم يرْحَلْ هذا الصّمْتُ النّاحِـ(خِ)ــبُ..
لمْ يبرحْ هذا اللّيلُ سَتَائِرَ صَدْرِكَ بَعْدُ
السّاعَةُ بيْنَ حَدائقِ هذا اللّيلِ مُعَلّقَةٌ
والقادِمُ من آخِرِ دُنْيا النّاسِ..
سَيُحْمَلُ في صَخَبِ الأيّامِ.. ويَعْدُو


لمْ يَأتِ قِطارُكَ..
لمْ يَبْرَحْ هذا اللّيلُ ستائرَ صَدْرِكَ بَعْدُ

عَفْوًا!
يا ابنَ النّاسِ!
ويا آخِرَ عُنْقودٍ في آخِرِ كُلِّ الدُّنْيَا!
قدْ كُنْتَ وَفِيًّا حدَّ الذّوَبانِ بكُلِّ قلائِدِ موْعِدِنَا..
لكِنْ..
خانَكَ موْعِدُنَا..
وانْفَرَطَ الوَعْــدُ..!

السّاعَةُ بين لِحافِ النّهْرِ
وبينَ خيوطِ الجِسْرِ مُعَلَّقَةٌ..

هُبّي..
 كدُمُوعٍ نزلتْ في غَفْلَةِ أمّي..
ضُمّي هذا الطّفْلَ..
كما اتّحدتْ ذاكِرَةُ النّجْعِ
معَ الدّمْعِ النّازِلِ في غفْلةِ أمّي..
شُدّي هذا الرّجُلَ الواقِفَ وحْدَهُ في الإعْصَارِ..
وهذ الأمَلَ النّازِفَ وَحْدَهُ..
شُدّي هذا الجَبَلَ العَاري..

أيّامٌ تَنْشِجُ في وهْمِ الصّبْيةِ أنّ الشّيْطانَ سليلُ الهاجرةِ الأولَى.. أنّ الصّافرة المَخْفِيّةَ في الجيْبِ سَليلَةُ ذاك الشّيْطانِ، وأنّ الشّيْطانَ نَزِيلُ الجيْبِ.. وصوتُ الجدّةِ أنْ لاَ شيْطانَ سوى الإنْسانِ..
يدٌ خَجْلَى تَتَسَلَّلُ في الجيبِ، تقولُ: "أشيطانٌ أمْ إنْسانٌ يَتَخَفَّى في جَيْبِي؟! آهٍ مِنّي! آهٍ منْ هذا الرّيْبِ!"
صَهٍ! يا نَجْلَ الهَاجِرَةِ الأولَى! فقريبًا تُخْرِجُ منْ هذا الجيْبِ يدًا خَجْلَى، تحْمِلُ حَفْنَةَ رَمْلٍ عَلِقَتْ بَعْدَ سِنِينِ اللَّهْوِ.. وصَافِرَةً تَرْفَعُ عَنْكَ سِجَافَ الغَيْبِ..           










-5-

نَغَمٌ..
وَسِرَاجٌ قَمَرِيُّ السِّحْنَةِ..
واسْتِقْبالُ الفَوْجِ الأَوّلِ من أبْوابِ الجَنّةِ
تُغْلَقُ في وَجْهِ الطّاغوتْ


المُنْتَظِرُ اليَوْمَ.. هُوَ المُنْتَظِرُ الأمْسْ
يُحَمْلِقُ في الإعْصارِ القَادِمِ
يَهْمِسُ: "هلْ جِنٌّ هذا أمْ إنْسْ..؟!"


والمُنْتَصِرُ اليَوْمَ.. هُوَ المُنْتَصِرُ الأمْسْ
يُنْبِتُ نابَهُ في الإعْصارِ..
ويَظلّ كذلِكَ يُنْبِتُ نابَهُ في الإعْصارِ
مِنَ المَهْدِ إلى الرّمْسْ


وإنّا مُنْتَصِرونَ..
وَمُنْهَمِرونَ مِنَ البُرْكانِ..
ومنْ شَمَمِ النّخْلِ..
ومنْ وَرَقِ الصّفْصافِ..

وإنّا مُنْهَمِرُونَ مِنَ الجَلَدِ المُخْضَوْضِرِ في ضِحْكاتِ الطّفْلِ
وَمُنْتَشِرونَ على القِمَمِ المَوْلودَةِ بَيْنَ العَيْنِ..
وبينَ رَفيفِ الكُحْلِ..


وإنّا مُنْحَدِرونَ من الغَضَبِ المَكْتُومِ..
وَرِثْنَا نَسْغَهُ منْ شَجَرِ الأَسْلاَفِ..
وأَوْثَقْنَاهُ نَيَاشينَ الفَجْرِ على الأكْتَافِ

وإنّا مُتّحِدونَ –كما شئنا-
نَتَرّقّبُ في جُنْحِ اللّيلِ جَحافِلَهُمْ
لِنُعَبِّدَ للفَجْرِ شَوارِعَنَا.. بِجَمَاجِمهِمْ
نَسْتَقْبِلُ جَمْهَرَةَ الأحْلافِ..


وإنّا مُنْتَصِرونَ على الأحْزانِ
نُعيدُ لهذا النّجْعِ الخَافِقِ غِنْوَتَهُ
وَنَكونُ لِهذا الجَمْعِ الوَاثِقِ مَلْحَمَةَ الطّوفانِ

وإنّا مُنْتَصِرونَ من الأرْيَافِ
ومِنْ مُدُنِ القَصْديرِ..
ومُنْهَمِرونَ مِنَ الوِدْيَانِ..
إلى المَيْدَانِ..












-6-

نَغَمٌ..
وَسِراجٌ قَمَرِيُّ السِّحْنَةِ..
واسْتِرْخاءُ النّرْجِسِ يَطْرُقُ بَابًا
تَفْتَحُهُ وَرَقَاتُ التُّوتْ

تَقُولُ الحِكْمَةُ:
"إنّ الهَارِبَ منْ هَامَتِهِ
لمْ يَبْلُغْ بَعْدُ سِنِينَ الرُّشْدِ..
سَتَبْقى الهَامَةُ..
والهَارِبُ..
سَوْفَ يَمُوتْ

ماي/جوان 2013
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads