لم تزل بدراً
( قراءة جديدة لوجه القمر )
| |
يا غريباً في الليل أنت كمثلي | و كلانا في وحدةٍ و اغترابِ |
تحسد الأنجمُ الزواهرُ خِلِّي | آهِ لو تدري ما بِهِ من عذابِ |
لاحَ للعينِ مشرقاً و منيراً | وهْوَ يشكو من صخرِهِ و الهضابِ |
قلتُ يا بدرُ : لم تزل أنت بدراً | وسميراً لسائر الأحبابِ |
لم تزل مُلهمَ الأديبِ فنوناً | و معينَ الساري و حارس بابي |
لم تبُحْ يوماً مُذ خُلِقْتَ بسرٍ | قلتُهُ في ملالتي و اكتئابي |
ترمق الأرض شامخاً ، لا تُبالي | عاش هذا ، أو راح ذا في الترابِ |
صامداً في الآفاقِ فرداً ، أنيقاً | و فتيّاً في عُنفوانِ الشبابِ |
تختفي أحياناً ، و تطلع أخرى | سائلاً عن أحوالنا في الغيابًِ |
فترانا من حزننا في وجومٍ | قد غرقنا في حيْرةٍ و اضطرابِ |
نحن أهلُ الأرضِ المساكين عشنا | في صراعٍ ، كأننا أهلُ غابِ |
ينهش القادرُ الضعيفَ جهاراً | ويريق الدما بكأس الشرابِ |
أيها البدرُ أنت أحسنُ حالاً | من بني الأرض رغم كلِّ الصِّعابِ |
فاحمدِ اللهَ أنْ خُلِقْتَ سراجاً | سابحاً في هذا الفضاءِ العُجابِ |
مُشرقاً في السما ، و لم تكُ إنساً | ذا نُيوبٍ قواطعٍ و حِرابِ |
***
| |
نظر البدرُ مُشفقاً ، و توارى | صامتاً في العلياء خلف سحابِ |