الرئيسية » » قاهر الموت | علي محمود طه

قاهر الموت | علي محمود طه

Written By Unknown on الأربعاء، 31 يوليو 2013 | يوليو 31, 2013


قاهر الموت

علي محمود طه
 
يا قاهر الموت كم للنفس أسرار؟ ذلّ الحديد لها ، و استخذت النّار
و أشفق البحر منها ، و هو طاغية عات على ضربات الصّخر ، جبار
حواك أحدوثة مثلى و تضحية لم تحوها سير أو ترو أخبار
رماك في جنبات اليمّ محترب خافي المقاتل عند الرّوع فرار
ترصّدتك مراميه و لو وقعت عليه عيناك لم تنقذه أقدار
يدبّ في مسبح الحيتان منسربا و الغور داج و صدر البحر موّار
كدودة الأرض نور الشّمس يقتلها و كم بها قتلت في الرّوض أزهار
هوى بك الفلك إلاّ هامة رفعت لها من المجد إعظام و إكبار
و استقبل البحر صدرا حين لامسه كادت عليه جبال الموج تنهار
و غاب كل مشيد غير قبّعة ذكرى من الشّرف العلي و تذكار
ألقيتها ، فتلقى الموج مقعدها كما تلقى جبين الفاتح الغار
و لو يرد زمان المعجزات بها لانشق بحر لها ، و ارتدّ تيّار
كأنّها خطبة راعت مقاطعها لها العوالم سمّاع و نظّار
تقول: لا كان لي ربّ و لا هتفت بذكره الحرب، إن لم يؤخذ الثار
يا ابن البحار وليدا من مسابها و يافعا يؤثر الجلّى و يختار
ما عالم الماء ؟ يا ربّان ، صفه لنا فما تحيط به في الوهم أفكار !
و ما حياة الفتى فيه ؟ أتسلية و راحة ؟ أم فجاءات و أخطار ؟
إذا السّفينة في أمواجه رقصت على أهازيج غنّاهنّ إعصار
و أشجت السّحب موسيقاه، فاعتنقت و أسدلت من خدور الشّهب أستار
و أنت ترنو وراء الأفق مبتسما كما رنا نازح لاحت له الدّار
غرقان في حلم عذب تسلسله من ذروة اللّيل أنواء و أمطار
يا عاشق البحر، حدّث عن مفاتنه كم في لياليه للعشّاق أسمار ؟
ما ليلة الصّيف فبه ؟ ما روايتها؟ فالصّيف خمر ، و ألحان ، و أشعار
إذا النسائم من آفاقه انحدرت و ضوّأت من كوى الظّلماء أنوار
و أقبلت عاريات من غلائلها عرئس من بنات الجنّ أبكار
شغل الرّبابنة السّارين من قدم تجلى بهنّ عشيّات و أسحار
يترعن كأسك من خمرة معتقة البحر كهف لها ، و الدّهر خمّار
و أنت نعنهنّ مشغول بجارية كأن أجراسها في الأذن قيثار
صوت الحبيبة قد فاضت خوالجها و رنّحتها من الأشواق أسفار
و الهفّ قلبك لما اندكّ شامخها و النّوء مصطرع و الموج هدّار
بوغتّ بالقدر المكتوب فانسرحت عيناك تقرأ، و الأمواج أسطار
نزلتما البحر قبرا، حين ضمّكما رفّت عليه من المرجان أشجار
نام الحبيبان في مثواه واتّسدا جنبا لجنب، فلا ذلّ و لا عار !!
***
مصارع للفدائيين يعشقها مستقتلون وراء البحر أحرار
منيّة كحياة ، كلما ذكّرت تجدّدت لك في الأجيال أعمار
هي الفخار لشعب في خلائقه خلق الرّجال إذا هاجته أخطار
له البحار بما اجتازت شواطؤها و ما أجنته خلجان و أغوار
رواق مجد على جدرانه رفعت للخالدين أماثيل و آثار
دخلت من بابه، و اجتزت ساحته و سرت فيه على آثار من ساروا
يتيه باسمك في أقداسه نصب رخامه الدّهر، و التّاريخ حفّار
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads