إلى روح الشاعر
موقفٌ حانَ فاغتنِمْ | وتخير مِن الكلمْ |
كلَّ لفظٍ أورقَّ مِن | ضحكةِ الزهر للدِّيمْ |
مستَمَدٍّ من الرُّبى | مُستعارٍ من الَنّسمْ |
اجمعِ الآنَ طاقةً | غضَّةَ النور تبتسمْ |
أُهدِها روحَ شاعرٍ | خالدٍ بالذي نَظمْ |
قلمي! ما الذي لديكَ | من الخيرِ يا قلمْ؟! |
قمْ فذكّر وناج قومَكَ | واخطُب وقل لهُمْ: |
قل لأهل الغناءِ في كنف | المعهد الأَشمّ |
ذلك الشاعرُ الذي | بات في خاطر الظُلمْ |
هو منكم وفنُّهُ | علمَ الله فنكمْ |
كان لجناً فصار ذكراً | كما يُذكَرُ الحُلمْ |
انما الشعر مزهرٌ | قد حكى قصةَ الأممْ |
وبأوتاره المنى | تتلاقى وتزدحمْ |
هو نايٌ مُرجَّعٌ | لشجيٍّ وما كتمْ |
هو قيثارةُ الزمان | ونجواه مِنْ قِدَمْ |
هو أنشودة الحياةِ | وفيضٌ من النغمْ |
أبها المعهد الذي | بلغ المجدَ واستتمّ |
كلُّ لحنٍ مذكرٍ | أشعل القلب فاضطرمْ |
نظمته يدُ الأسى | وقًعته يدُ السقمْ |
وأناشيدكم وما | صاغه الفنُّ من عِظمْ |
هي أنّاتُ أنفسٍ | بالمقادير ترتَطِمْ |
وصباباتُ أعينٍ | يشهدُ الليل لَم تنمْ |
وأغانيكمْ التي | هي في قمةِ القمَمْ |
هي آهاتُ شاعر | عرف الحبَّ والألمْ! |
ذلك الشاعرُ الذي | روحهُ الآن بينكمْ |
لكأني أراه حَيّاً | وألقاهُ عن أمَمْ |
وهو في ذروة الشباب | وفي خفةِ القَدَمْ |
غاشياً كلَّ منتدىً | عاليَ الرأسِ محترمْ |
كلما قال شعرَه | غمر السهلَ والعلمْ |
دافقاً ليس ينتهي | أبداً سيلُه العرمْ |
باذلاً للصديق والأ | هلِ كلّ الذي غِنَمْ |
زوجه والبنون هُم | مجدهُ والرجاءُ هُمْ |
درجوا في ذُرَا العلا | نوَّروا في رُبى النعمْ |
نشأوا في حِمى العفافِ | وجلُّوا عن التُّهمْ |
حين ظنوا بأنَّ ما | أمَّلوا في الزمانِ تمْ |
إذ شكا الضعفَ سيد | البيتِ خارت به الهممْ |
نام في حصنهِ الضَّنى | وعلى صدره جَثمْ |
واذَا بالطيور قد | دخل الموتُ وكرهُمْ |
شِبْهَ لصٍّ مخادعٍ | غشىَ البيت فالتهَمْ |
وإذا الفاقةُ الجريئةُ | تَطْغَى وتَنْتَقِمْ |
صنعتْ في رجائهمْ | فعلَة الذئبِ بالغنمْ |
كأتونٍ مستعَّر | غاضبٍ ينثرُ الحُمَمَْ! |
مَن رأى البؤسَ إن عدا! | مَنْ رأى الضنك إن هَجَمْ؟ |
مَن رأى العفةَ العريقةَ | بالدهر تصطدمْ؟! |
أُمَّتي! ليس يُهزَمُ الفنُّ | في أمَّة الشَّمَمْ |
أُمَّتي! ليس يخذلُ الجُودُ | في أمَّة الكرَمْ |
أُمَّتي! أُمَّةُ العلا | وأبي الهول والهرَمْ |