الرئيسية » » الصقرُ في طيرانهِ | نوال الغانم

الصقرُ في طيرانهِ | نوال الغانم

Written By غير معرف on الأربعاء، 7 أغسطس 2013 | أغسطس 07, 2013



ليست ولودة أُمُّ الشاعر،

ولدتهُ وأغلقت الباب وراءهُ، هو ابنها الوحيدْ،

وما بعدهُ محض هراءْ.

هكذا قالت لجارتها التي تضعُ حبلاً

في رقبةِ الهواء وتجرهُ خلفها مثل جروٍ

صغيرْ.

تطيرُ الشجرة وتحط فوق قميصة خضراء ومليئة بالعصافيرِ،

يطيرُ النهر ويصيرُ خفيّهِ، يطيرُ الطريق،

أَيا هذا المحلقُ اضرب بجناحيكَ الماء ليبلل مناديل الفاتنات.



ستندمُ النساء ويَنْدبْنَ حظوظهنَّ،

حين يَرَيْنَ الصقر يحملني فوق جناحيه.

غزيرةٌ مياهي التي صيرتْ الشاعر زهرة عباد الشمسْ.



أدخلُ وأغلق باب الفراغ ورائي،

لاتقرع الباب، الشاعرُ نائمٌ.

إذهبْ وتعال بعد أن يكمل قصيدتهُ...

لا تَرْم الحصا وأنت تتجولُ بين السطورِ،

رُبَّ رميةٍ تحطمُ بيضة الشاعرْ.

لا تكثر عليه الأسئلة،

طوال الوقت ينقلُ جثتهُ من كتفٍ لآخرْ.



انهُ في خلوةٍ يَجلسُ مع حلمهِ ويتحاوران،

انها المرة الأولى الذي يلتقيه،

دعهما يرتشفان القهوة ويهزءان من بَلادةِ الحياةْ.

لا أسمعهما يتبادلان الكلام،

انهما يتبادلان الصمت لغة ويضحكانْ.



ستندبُ النساء حظوظهنَّ،

حين يَرَيْنَني أفتحُ الشاعر مظلة وأحتمي  بهِ

حتماً.سَيَحْسُدْنَني،

حين يَرَيْنَهُ يخيطُ دمعتهُ ثوباً على مقاسِ جسدي

حين يدخلُ في جرار ثيابي ويضيعُ،

للحد الذي أعثرُ فيه على نفسي.



قالت الجارةُ:

رأيتهُ ينفخُ الحجرَ،

فترتفعُ الخرائط مثل حمامٍ أبيض

يلم زرقة السماء بمناقيره

رأيتهُ يمدَ يدهُ الى الأرضِ ويضمها إلى صدرهِ،

يطوفُ في شرايينها،

ويغطي الحروب بالغبار لكي لا يلتفت أحداً

اليها.

كان يلقي القبل على المارةِ

ويضع باقات الورد على عتبات البيوت،

رأيتُ جسدهُ الشفاف يلمعُ في الظلام،

للحد الذي كنتُ أبصرُ فيه النحل يحطُ

على دمهِ ويمتصُ الرحيقْ.

كنتُ خائفة عليهِ من السواد أن يرشقه بحجر، فيتشظّى.

 
 
 
سأنتحلُ يدكَ مرآة.

وأتركُ النسوةَ يَعْقُدنَّ ضفائرهنَّ بحبل

الفراغ.

أتركهنَّ يغزلنَ الدهشة درجاً يتسلقنهُ ليصلنَ اليكَ،



أيها المشتعل لمسة بين أصابعي،

الحافر بئراً من عسلٍ في ثيابي،

اللامع في أساوري،

النابض في ساعتي اليدوية

الطالع حمامة من بياض قلبي.

رد لامكَ بهجة الأرصفة،

قبل أن يلطخها المشاة بدخان سكائرهم.



قلْ كلمتكَ،

لتضع حداً لتدفق عواء الذئاب في سواد عباءتي.



ياطائري المطعون بظلال المكان.

ياشارعي القادم من عمق شهقتي.

ياملكي المدجج بالينابيع.

يا أنتَ.

ياصقري المغسول الجناحين بمخاوفي.

خذني وحلق بي بعيداً.

بعيداً في عمق الكلمة.
 
 
 

نوال الغانم ـــ شاعرة وفنانة تشكيلية / سيدني ـ استرليا
nawl_2424ghm@yahoo.com

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads