ليَ اللَه من عاني الفؤاد متيم
ليَ اللَه من عاني الفؤاد متيم | ولوع بمغرى بالدلال مُنَعَّم |
وفيّ كما شاء الغرام ولو رمى | بي البين غدراً بين أنياب ضيغم |
صبور على جور الغرام وعدله | شكور على زور الخيال المسلم |
وقد عشت عمري أتقى عادي الهوى | وأسحب أذيال الحلىّ المسلم |
ألوم على دين الصبابة أهله | وأسخر من حال العميد المتيم |
إلى أن رمى قلبي هواك بأسهم | تلتها يد البين المشت بأسهم |
فأصبحت ألحى بالذي كنت لاحيا | عليه وأرمي بالذي كنت أرتمي |
أعُد عذاب الحب عذباً وبؤسه | نعيماً ومن يبل الصبابة يعلم |
بلوت الهوى حتى عرفت صروفه | جميعاً على الحالين بؤس وأنعم |
فلا النأي بي ينأى عن الوجد والهوى | ولا القرب بي يدنو لبعض التبرم |
نأيت بقلب في حماك مشيع | وعدت بقلب في ذراك مخيم |
فلا يطمع اللاحي بموضع سلوة | عن الحب في أنحاء قلب مقسم |
ولا يدع الواشي النموم بأنني | عصيت الهوى أو رمت طاعة لوّم |
جمالك أغرى بالغرام جوانحي | وأذكى على الأحشاء نيران مُضرَم |
وألقى إلى أيدي التصابي أزمتي | فعاودت بعد الشيب صبوة مغرم |
ولذت بأعطاف القريض وطالما | رميت ذُراه بالقلى والتجهم |
ولكنني أزويه عن غير أهله | وأهديه مدحاً للخديو المعظم |
مليك يردّ الطرف من دون شأوه | حسيراً لدى نهج من الحق أقوم |
بعيد مجال الشوط في كل غاية | من الفخر دان للندى والتكرم |
قريب منال الصفح عن كل زلة | إذا لاذ ذو جُرم بأهداب مندم |
إذا اغتنم الغضبان للفتك فرصة | رأى هو أن العفو من خير مغنم |
وليس كفضل العفو فضل ومفخر | ولا سيما من قادر متحكم |
رعى اللَه في أمر الرعايا يسوسهم | مسهَّد عين الفكر غير مهوّم |
فأمن لذي روع وروع لمعتد | وصون لذي يسر ويسر لمعدم |
مناقب يستعصي على الوصف حصرها | وأنّي لباغي العد إحصاء أنجم |
تدارك أمر الملك بعد صعائب | من الخطب شتى بين فذ وتوأم |
فأحكمه بالعزم والحزم وانتضى | له نصل مضاء من الرأي مخذم |
على حين أمسى الناس في جنح داجر | من الشر مسدول الرفارف مظلم |
فأطلع من آرائه كل كوكب | يكشف أستار الظلام المخيم |
وسدّ فضاء البحر طَمُّ عُبابه | بسود خفاف في حفافيه جثم |
بوارج أمثال البروج تفاذفت | بحمر كأمثال الصواعق رُجَّم |
بواخر ترمي الشاهقات بمثلها | سِراعاً كأسراب الحمام المحوّم |
دوارع يلقين المخاوف آمنا | بها سربها من ل هو ومرغم |
من اللاء لا يتركن حصناً محصنا | ولا أنف برج شامخ غير مرغم |
يطارحن أسراب المدافع في الوغى | بكل رجيح وزنه غير أخرم |
وسالت شعاب الأرض بالجنر زاحفا | بكل سبوح من كميت وأدهم |
يموج به الماذيّ في كل مأزق | كما زخرت أمواج يم ميمم |
وغشى ضياء الشمس أسود حالك | من النقع معقود بأقتم أسحم |
تَغيَّم منه الأفق والصحو سافر | لثاماً ووجه الجوّ غير مغيم |
وأرعدت الأرض السماء وأبرقت | بصيّب ودق للمنية ينهمي |
وجاوب أصداء البنادق مثلها | نداءً فما يبقين غير مكلم |
ونازع فيها ابن الكروب نديده | رسائل ليست للتودد تنتمي |
ولولاك لم ترفع من النصر راية | لجند ولم تفتح مغالق معصم |
بعزمك صال السيف واشتجر القنا | وعبّ عُباب الجيش والحرب تحتمي |
فلما تداعى الشر واضطربت به | قوائم قوم من جبان ومقدم |
وأصبح ما بين المهند والطُّلى | من القرب أدنى من بنان لمعصم |
عفوت وكان العفو شيمة قادر | ولو شئت أشرقت الصوارم بالدم |
وشالت بأطراف الرماح جماجم | تميد بأعطاف الوشيج المقوّم |
وطلت دماء ما تزال مصونة | وطاح برئ تحت أثواب مجرم |
أبت ذاك نفس برة دينها التقي | وقلب يخاف الدهر غشيان مأثم |
سجية مطبوع على الخير راحم | ومن برج رحمن السموات يرحم |
إليك أبا العباس أزجى نجائباً | من الشكر لم تعلق بها نار ميسم |
كرائم تقفو إثر غُرّ كريمة | سوالف قدما حزن فضل التقدم |
ضممن إلى شرق البسيطة غربها | فلم تبق فيها مجهلاً غير معلم |
فأنت الذي أوليتني الخير منعما | ولست الذي يرضى بكفران منعم |
وطوّقتني الآلاء قد ما وحادثاً | وذو الطوق مشغوف بفضل الترنم |
وأنت وربي اللَه مولاي لم أزل | إلى خير شعب من ولائك أنتمي |
فلا تستمع في العبد غيّ مفند | ركيك أواخي النطق أعجم مفحم |
حسود يرى النعماء في عينه قذى | فناظره من طول ما قد رأى عمى |
رماني بهجر القول لا درّدره | ولو رمت قول الهجر لم يستطع في |
أأنطق لغواً بعد كل منضد | من المدح في جيد الزمان منظم |
تسير به الركبان ما بين منجد | وآخر يبغى الغور منهم ومتهم |
يزيد على كرّ الجديدين جدّة | ويصرم عمر العصر غير مصرّم |
حلفت بما ضم الكتاب وما وعت | صحائفه من صادق القول محكم |
لقد كذب الواشون فيما سعواً به | من الغيّ في طيّ الحديث المرجم |
وقد وسموني بالذي اتسموا به | وما القول الا لبسة المتكلم |
وقد غرّهم اصغاء سمع وراءه | فؤاد له عين عل كل مبهم |
يطالع مكنون الغيوب مسطرا | على صفحات الوجه عن التوسم |
فيستطلع السر الخفيّ مؤيدا | بنور اليقين المحض لا بالتوهم |
ويدرك غب الغيب عفواً بحكمة | ورأي صواب لا برؤيا مهوّم |
فلا يحسب الباني على الزور ما بنى | سيلبث إلا قيد وشك التهدم |
سيطفئ نار الأفك سيل عرمرم | من الصدق مشفوع بسيل عرمرم |
ويصدع نور الحق أبلج واضحا | فيلوى بليل من دجى المين مظلم |
ولو شئت حكمت القوافي بيننا | بماضي شباة القول فيهم مصمم |
ثقيل على قلب الحسود حديثه | خفيف على سمع المسامر والفم |
يثير دخان النقع فوق رؤوسهم | بنار على الأعداء ذات تضرم |
زعيم بذي ليل من الهجو أليل | يشدّ عُرى يوم من الذم أيوم |
ولكنني أنهى اللسان عن الخنا | وألوي عنان الأعوجي المقوّم |
سأضرب صفح القول عنهم نزاهة | وأطويه طيّ الا تحميّ المسهم |
وأفزع بالشكوى إلى حكم عادل | بصير ببادي أمرهم والمكتم |
محيط بما فوق السموات علمه | وما تحت أطباق الثرى لا معلم |
أليس بكاف عبده وهو قائم | على كل نفس بالقضاء المحتم |
ودون الذي يلقونه من عقابه | عدالة طبع الدواريّ المفخم |
أيستا مني ريب الزمان ظلامة | وما زلت بالباب الخديويّ أحتمي |
أردّبه كيد العدا في نحورهم | وألوي به زند الألد المصمم |
وقد وضحت شمس النهار لمبصر | وأسفر وجه الأفق غير ملثم |
ودمّر ما قد شيدوا كل محكم | من الحق مبنيّ على الصدق مدعم |
وأصبح توفيق من اللَه مسعدي | وحسبي بالتوفيق حصناً لمحتمي |
وما زال حصني في الخطوب ومعصمي | وكفى إذا بارزت خصمي ومعصمي |
سأشكره النعماء ما عانقت يدي | يراعي وما استولى على منطق فمي |