حَلّقَ النسْرُ كما شاء وَصاحْ
حَلّقَ النسْرُ كما شاء وَصاحْ | ورمَى بالقيدِ في وجهِ الريَاحْ |
وجلا عن ريشِه العارَكمَا | تنجلي الأصداءُ عن بيضِ الصفاح |
وأطاحَ القفصَ المشئوم لا | تعرفُ الجنُّ متى أو أيْنَ طَاح |
كم قضى الليل به مستيئساً | جَزِعاً بين أنينٍ ونُواح |
ولكم حنَّ إلى أوطانِه | قَلِقَ الأضلاعِ خَفّاقَ الْجَنَاح |
يُرسِلُ العينَ فلا يلقَى سوى | لُججٍ خُضْرٍ دميماتٍ شِحاح |
يشتكي لليل في وحشتِه | فإذا غاب تشكَّى للصبَاحْ |
ذهب الماضي مَجيداً حافِلاً | رحمة ٌ اللهِ عليه أين رَاح |
أإسارُ الحرِّ حقٌّ سائغٌ | وإباءُ الحرِّ شيءٌ لا يُبَاح |
وإذا مُدّتْ لإحسانٍ يَدٌ | هزّت الفِتنَة ُ أطرافَ الرمَاحْ |
وإذا جفّتْ لَهاة ٌ ظمأً | ضنّتِ الأنفسُ بالماءِ القَرَاح |
وإذا مال أخٌ نحو أخٍ | ملأ الأفواهَ شَغْبٌ وصِيَاح |
وإذا أنّ جَريحٌ دَنِفٌ | لطبيبٍ قيل لاتشكُ الْجِرَاح |
هل على المفجوعِ في أوطانِه | حَرَجٌ إنْ ردّد الشكوَى وبَاح |
أو على من رام أن يحيا كما | يتمنَّى الحرُّ ذنبٌ أو جُناحْ |
أو على العاني مَلامٌ إنْ رنَا | بعدَ عشرينَ لإطلاقِ السَراح |
ثم قالوا لم يصُنْ ميثاقَهُ | ونبا عن خُلُقِ العُرْبِ السمَاح |
أيُّ عهدٍ يرتضيه باسلٌ | عربيُّ النَبْعِ ريفيُّ الجمِاحِ |
أيُّ عهدٍ هو أن أُذْبحَ من | غيرِ سكِّينٍ ولا أشكو الذباح |
هو عهدُ الذئبِ يُمليه على | شاتِهِ المِخْلَبُ والنابُ الوَقَاح |
وهو القوّة ُ ما أجرأَها | إنْ مشَتْ يوماً إلى الحقِّ الصَراح |
كم سلاحٍ صالَ من غيرِ يَدٍ | ويدٍ تدفَعُ من غيرِ سِلاَح |
قصد الفاروقَ يبغِي موئِلاً | في رِحابٍ لِبَني العُرْبِ فِسَاحْ |
همّة ٌ جاءت تناجى همَّة ً | ويدٌ مُدّتْ إلى أكرمِ رَاحْ |
مَلِكٌ يرنو لعُلْيَا مَلِكٍ | وطِماحٌ يتسامى لِطمَاح |
فثوى َ في خيرِ غمدٍ آمناً | صَارِمٌ أرهفَهُ طولُ الكِفَاح |
لم يجدْ غيرَ بشاشاتِ المُنَى | وارتياحٍ للندَى أيِّ ارتيَاح |