الرئيسية » » مائي يعود عكس النهر للساقية | نجيب جورج عوض

مائي يعود عكس النهر للساقية | نجيب جورج عوض

Written By غير معرف on الأربعاء، 7 أغسطس 2013 | أغسطس 07, 2013


مائي يعود عكس النهر للساقية
                             (بيروت-اللاذقية)


كسمكة تشفق على صيادها،
فترتمي في أحضان الشبكة.

كأشجار تصغي لحشرجة الجوع في صدر الحطاب
فتدلي رقابها للفأس.

كوردة مبللة بدموع عاشـق 
تحرس وجهه
كحديقة في كوب ماء.

كغرابٍ أضناه البؤس
يحوّم فوق رؤوسنا
ممسكاً بمنقاره غصن زيتون.

كـشيطانٍ أخرس،
كلما فتح فمه
صار العالم
أكثر خواءً ووحشة.

كملاكٍ ساقطٍ
كلما أعلن التوبة
ينعته الناس بناكر الجميل
ويصرخون في وجهه:
"من قال لكَ أنَّ وراء الصخر ماء؟"

كطائرٍ متوحد
ملّ احتلال سماء الصمت العالية
يعود إلى الميناء النائم في الضاحية البعيدة،
المغطاة بالضباب، في قلبه.

يفتح صدره للمجهول بشغف طفلٍ صغير،
بتواطؤ الأشجار مع العاصفة.

يفتح صدره للمجهول ولا يخاف.

لا تتركنه يتـلوى على بطنه
يا بنات أفكاره الغانيات.

لا تهجرن قلبه الطري
ولا تغسلن بدموعكن جناحيه الوادعين.

يا بنات أفكاره
الخازنات شهوة البوح
تحت أثدائكن العامرة.

ينظر إلى جسده العاري 
الممدد على المرآة،
إلى العظام الناحلة
التي نبتت على كفيها
طحالب السنين الموحلة.

يرش على وجهه ماءاً بارداً.

يراقب صعود الضجيج من الشارع.

يرطّب شفاهه الناعمة على مهل،
تاركاً أحلامه الصوفية
تغطُّ في نومها
وتـلوث بغطيطها الوسادة.

تدبُّ أنفاسه بين رفة عين وأخرى.
ترتدي روحه جواربها,
وتربط حذائها المهترئ،
وتمضي بمزاجٍ باهت،
بين ابتلاع ريق
وغصة حلق.

يطوي ليله كورقة مصفرّة
ويدسها في كم القميص.

يبدأ بشق سبيلٍ
بين أشجار العالم الكثيفة
بأقدام ثـقيلة تغوص عميقاً في الغياب.

يقول في قرارة نفسه:
"لا حظَّ لي...لا ارتحال بطيء
مائي يعكره الحصى
مائي يعود عكس النهر للساقية." 



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads