الرئيسية » » يحسبني الموت...إلهاً | نجيب جورج عوض

يحسبني الموت...إلهاً | نجيب جورج عوض

Written By غير معرف on الأربعاء، 7 أغسطس 2013 | أغسطس 07, 2013


يحسبني الموت...إلهاً
                   (الحمرا، NEST)



- 1 -






أرفـو ذاكرتي المهترئة.
مضمّخاً بالسأمِ، أحاول أن أعيد لأطرافي
بعض اللون ولجلدي شيءٌ من الرائحة.

هكذا عشتُ حتى تلك اللحظة،
أشهد للفناء الذي يصـرُّ أن تكون حياتي خارطةً إليه.

تسميني الشوارع شبحاً يلملم خبزهُ المـرُ من أنفاسها،
ويحسبني الموت في صمتي ولامبالاتي بـه إلـه.

يمـوء النهار في وجهي كقطٍ أجربٍ
ويتمدد الـشارع في فنـاء فمـي السابح بالسكوت.

كلما أغمضت عينيَّ
وحاولت أن أنزع عن وجهي خواء المشهد،
أغرق في خواءٍ آخر
يبدو لي في تلك العتمة المنيرة طريقاً.

إلى أين؟ وإلى ماذا؟
لن اكترث بأن أسال
سوى اللذين لا يعلمون.





























- 2 -
                            








 سأغـدوا يومـاً مثـل ذاك الطائر الرمادي
الذي يقف على جذع الشجرة العاري
يتمايل ناظراً إلى عـشٍّ وهمي،
ماداً منقاره الرفيع إلى صغارٍ
لا يوجدون سوى في قلبه.

يومها،
قد أكتـشف أنني لم أقطع الدرب القصير الفاصل بين الخوف والحب
بتلك الخطى الواسعة لمن يمشي على الصخور.

صار قلبي المحني في بطئه
يفوق الله عمراً.











- 3 -







سرقت عمر الله عن الرفِّ،
حيث رماه وغطاه بالغبار.

كأنني أردت أن أنتـقم من ذاك المساء
الذي تسللَّ فيه إلى مخدعي على رؤوس أصابعه،
يلبس طاقيته المليئة بالثـقوب،
التي لم تـقهِ يوماً بـرد الأبدية،
بل دلـّت منها بنات أفكاره أثـدائهن إلى شفاه العالم.

قال كأنه يـتبرأ من همومه
قبل أن يلقي الظلام القـبض على قـلبه الرقيق:
"قـم واهرب معي...
لا معنى للألوهة بدون جريمة
ولا معنى لخطاياك بدون إلـه." 

من يومها وأنا أزداد وجـعاً
وهـو، حَمتـهُ سماءه، يزداد شباباً.







- 4 -






عارياً على رسـلٍ وجههِ الحزين
وقلـبه الصامت الخجول،
أرتجفُ كـقصبةٍ مرضوضةٍ
وأتبعثـرُ كقطراتٍ من العرَق
على خدوده المغضنة.

حين يجلس كي يحصي خسائر مغامراته،
يسندني قرب قـدمهِ المطمورة بالتراب.

كالخابية المشعورة،
تصفرُ في أذنيَّ زفراته المضطربة.

كلما حاولت أن أجعله يقـلبني
ويوقفني على قاعدتي
....امتلئ غباراً.







- 5 -




هل يتوجب عليَّ
كلما حاولت أن أخرج لأغني في فضاء الموت الفسيح
أن أتهشـَّم كالزجاج وأتـناثـر في الريح
كي يشعر بوجودي؟

هل كان عليه أصلاً
أن يلتـقط يدي ويجرجرني من رمل حياتي
ويصنعني من الزجاج؟

هل كان على حياتي
أن تكون حياته؟                 


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads