بَيْنَ صَحْوِ الْمُنَى وحُلْمِ الخَيالِ
بَيْنَ صَحْوِ الْمُنَى وحُلْمِ الخَيالِ | سَبَح الشعرُ في سماءِ الجمالِ |
ومضَى سانحاً يهُزُّ جَناحَيْهِ | عَلى شاطىء السنِينَ الخوالي |
لمح الدهرَ وهو يحبو من المَهْ | دِ عليه غَدائرٌ من ليالي |
وأزاح التاريخُ عن عَيْنِهِ الحُجْ | ب فمَرَّتْ تخوض في الأجيال |
ورأى الشمسَ طِفْلة ً تُرْسِلُ الأض | واءَ فوقَ الكُهوفِ والأدْغال |
صَفَحاتٌ من الزمانِ توالَى | وهو يتلو سُطورَها بالتوالي |
وتصاويرُ للحوادثِ تبدو | في شَتيتِ الألوانِ والأشكال |
وإذا رَنَّة ٌ كما تضحَك الآ | مالُ بعد النوى وطولِ المِطالِ |
وقف الشعرُ شاخصاً حين مَسَّتْ | هُ بسحرٍ من الفُنونِ حَلال |
نَغَماتٌ لم يعهَدِ الروضُ مِثْلاً | لِصَدَاها بين الربا والظلال |
ولُحونٌ لها مِثالٌ عجيبٌ | أو إذا شِئْتَ قُلْ بغيرِ مِثالِ |
بَيْنَ عُودٍ كم هَزَّ أعطافَ رَمْسِي | س وحَيَّا مَواكِبَ الأقْيالِ |
ودُفوفٍ عَزَفْنَ لابْنَة ِ فِرْعَوْ | نَ فماسَتْ بينَ الهوَى والدلالِ |
ومَزاميرَ أُطْلِقَتْ من فَمِ السحْ | رِ فمادَتْ لها رَواسِي الجِبالِ |
وَرَنَتْ كُلُّ سَرْحَة ٍ تَسْرِقُ السمْ | عَ وتَعْطُو بغُصْنِها الميَّالِ |
وأهازيج ردودهاالأزاهي | ر وغنى بها نسيم الشمال |
ذُهِلَ الشعْرُ فاستفاق فألفَى | موكِباً حُفَّ بالسنا والجلال |
ساطعاتُ الشمُوس فيه مَشاعِي | لُ وأَضْواؤُهُ بناتُ الهِلال |
زَحَمَ الأرضَ بالجِيادِ وغَشَّى | صَفْحَة َ الجَوِّ بالظُبا والعَوالي |
وهَفَتْ راية ٌ على قِمَّة ِ النجْ | مِ وَرَفَّتْ فوقَ السحابِ الثَقال |
مَوْكِبٌ يجمعُ الشعوبَ وتمشي | تحت أعلامِهِ العُصورُ الأوالي |
سار فيه المُلوكُ من كُلِّ جِيلٍ | في احتفاءٍ ضافي السنا واحتفالِ |
ذاكَ مِينا وذاك عَمْروٌ فَتَى العُرْ | بِ وهذا المُعِزُّ جَمُّ النوال |
وَبَدا بينَهُمْ محمدٌ الأَكْبَر | مُحْيِي البلادِ مُنْشِي الرجال |
صادعُ الجهل هادمُ الظلمِ في مِصْ | رَ مُبيدُ الُقيودِ والأَغلال |
خَلْفَه زِينة ُ الخلائفِ إِسْما | عيلُ ذُخْرُ المُنَى أبو الأشبال |
وفؤادٌ مُجدِّدُ الجِيلِ والآ | مالِ سِرُّ العُلا والاستقلال |
سأل الشعْرُ أينَ يقِصدُ هذا | الركْبُ بعد الطوافِ والتجْوال |
فأجابَتْ مِنْ فوقِهِ هاتفاتٌ | تملأُ الجوَّ واضِحَاتُ المَقال |
|
ص أَسْرِعُوا نحوَ عابدينَ مَقامِ |
الْ | مُلْكِ والنُبْلِ والنجارِ العالي |
وَقَفَ الرَكْبُ عِنْدَ سُدَّة ِ فارو | قٍ فكانَتْ نهاية َ الترْحالِ |
ورأَى الشعْرُ مَحْفِلاً لمُلوكِ | قٍ فكانَتْ نهاية َ الترْحالِ |
جلسوا جاذلِينَ بَيْنَ ابتهاجٍ | ضاحكٍ كالمُنَى وبَينَ ابتهال |
ثمَّ نادَى ذو أمْرِهِمْ نحن في يو | مٍ سعيدِ الغُدُوِّ والآصال |
يَوْمُ يُمْنٍ لمِصْرَ ليس له مِث | لٌ ولا جَالَ للدهُورِ ببال |
وُلِدَ المجدُ فيه والشرَفُ السا | مِي ونُور الحِجا ونُبْلُ الخِلالِ |
تَجلَ السيدُ المُملكُ فيه | فَهناءً بأكرمِ الأنجالِ |
قد سَعَيْنا لِسُوحِهِ فقضَيْنا | حاجة ً في نفوسِنا للمعَالي |
بُهِرَ الشعْرُ فانْثَنَى يَلثِمُ الأرْ | ضَ ويَدْعُو بالعِزِّ والإقبال |
وشدا مِثْلَما شَدَتْ بِنْتُ أيْكٍ | بَيْنَ ظِلٍّ وكَوْثرٍ سَلْسالِ |
نَعِمَتْ بالأَليفِ لاهو ناءٍ | إِن دَعَتْهُ يوْماً ولا هُوَ سَالِي |
لم ترَ النسْرَ في مَخالِبِهِ الزرْ | قِ ولا رُوِّعَتْ بصَيْدِ حِبال |
تحتَها الزهْرُ فاتِنُ اللونِ رَفّا | فٌ جَميمُ الندَى دَمِيثُ الرمال |
صَدَحَتْ للدُجَى وللَّيْلِ حُسْنٌ | حينَ يَطْوِى الوُجودَ في سِرْبال |
صَدحتْ للصباحِ يَلمعُ في الشرْ | قِ طَهُوراً كَبسمة ِ الأطفال |
إِنَّ للطبْعِ والبَديهَة ِ سِحْراً | فوقَ طَوْقِ الجُهُودِ والإِيغال |
غَرِّدِي كيفَ شِئْتِ يا سَرْحَة َ الوا | دِي وهُزّي فَضْلَ الغُصونِ الطوال |
واجْمَعِي اليومَ كُلَّ ذاتِ جَناحٍ | إِنَّ يومَ الفاروقِ في الدهرِ غالي |
أرسِليِ البُلْبُلَ الفَرِيدَ يُنَادِي | تَسْتَجِبْهُ الطُيورُ في أرْسال |
إِنَّ يومَ المِيلادِ يَوْمٌ على الدهْ | رِ قليلُ الأَندادِ والأَمْثال |
صَفَّقَ النيلُ فيه زَهْواً وعَجْباً | وجَرَى في تخطرٍ واختيال |
ساحباً ذَيْلَه يَمُرُّ على الزهْ | رِ فَتَمْضِي الزهورُ في الأذيال |
لايُباليِ فقد تَمَلَّكَهُ الْحُ | بُّ وأوحَى إليهِ ألاَّ يُبالي |
وهو لولا عُذوبة ُ الْحُبِّ ما ف | اضَ بعَذْبٍ من النَّمِيرِ زُلال |
أنتَ مَوْلاهُ أنتَ عَلَّمْتَهُ البَذْ | لَ وبَذْلُ العبيدِ فَضْلُ الموالي |
غمَرَتْنا نُعْماكَ في كلِّ حالٍ | فحمدْنا نُعْماكَ في كلِّ حالِ |
أيُّها الراكبونَ في طَلَبِ الْغَيْ | ثِ سِراعاً والغيثُ مِلْءُ الرِحالِ |
لاتَرِيموا مكانَكُمْ لاتَرِيموا | ساحة ُ المُلْكِ مَوْرِدُ السُؤَال |
يالَها فَرْقَداً أطلَّ عَلَى الدُنْي | ا فأمستْ نجومُها كالذُبالِ |
سطعتْ بالسعُودِ تستقبلُ الكَوْ | نَ فتحظَى بأشرفِ استقبال |
اسْتَهلَّتْ بالسِلْمِ واليُمْن والعِي | دِ فكانتْ بَرَاعَة َ استهلال |
أُغْمِدَ السيْفُ بعدَ طُولِ جِدالٍ | وجدالُ السُيوفِ شَرُّ جِدال |
أنا في السِلْمِ عَبْقَرِيُّ القَوافِي | ليس لي في الظُبَا ولا في النِصال |
أنا شعري كالطَيْرِ يُفْزِعُهُ الفَ | خُّ ويرتاعُ من حَفيف النِبال |
لاتعيشُ الفُنونُ بينَ كِفاحٍ | راكبٍ رأسَهُ وبَيْنَ نِضال |
خِفْتُ إنْ أُشْعِلَتْ لَظَى الحَرْبِ أَنْ | أُنْشِدَ بَيتاً جَرى معَ الأمثال |
لم أكُنْ مِنْ جُناتِها عَلِمَ اللّ | هُ وإِنّى بِحَرِّها اليومَ صالي |
فمَتى تَهْدَأُ القُلُوبُ إِلى الْحُبِّ | وتُهْدَى النفوسُ بعد ضَلال |
أشْرِقي عَابِدينُ فالُملْكُ زاهٍ | صاعِدُ الْجَدِّ والزمانُ مُوالي |
أنتِ أطلعتِ في سمائِكِ بَدْراً | عَلَّمَ ابنَ السماءِ معنَى الكمال |
دَوَحَة ُ المجْدِ أَنْتِ كَمْ من أصولٍ | راسياتٍ ومن فُروعٍ هِدال |
دَوْحَة ٌ أَرضُهَا من الطِيبِ والمِسْ | كِ وأثمارُها سُمُوط اللآلي |
كم أظلَّتْ مِصْراً وحاطَتْ بَنِيها | من هَجِير الُخُطُوبِ والأهوال |
أنتِ يا عابدينُ خَيْرُ بناءٍ | مَدَّ أفْياءَهُ على خَيْرِ آل |
صَفَّقَتْ مِصْرُ حينما جَاءتِ البُشْ | رَى فأهلاً بمولِدِ الآمال |
كم بسطنا الأكُفَّ نَضْرَعُ لِلرَحْم | نِ والليلُ مُسْبِلُ الأسْدال |
وسبَقْنا دَقَّ البشائِر شَوْقاً | وبعثْنا السُؤالَ إِثْرَ السُؤال |
ووَدِدْنا لو استقرَّ التَّمَنِّي | واستراح الرَجاءُ بعدَ كَلال |
وإِذا أَنْعُمُ الإِلَهِ تَوَالَى | بعميمِ الإِحسانِ والإِفضال |
وإذا الفجرُ صادقٌ يَمْلأُ الشَرْ | قَ فَيَمْحُو غياهِبَ الأَوْجالِ |
وإذا المَهْدُ فيه دُرَّة ُ مَجْدٍ | لِكَرِيمِ الْجُدودِ والأَخْوال |
وإذا مِصْرُ أَعْيُناً وقُلوباً | تَقْبِسُ النورَ من سَنا فِرْيال |
فهناءً مَليكة َ النِيل كم حَقَّ | قْتِ للنيلِ من أمانٍ غَواليِ |
وهَناءً مَليكَ مِصْرَ المُفَدَّى | نِلْتَ فَاشْكُرْ اللّهِ خَيْرَ مَنال |
عِشْ وعاشَتْ أمِيرَة ُ المُلْكِ واسْلَمْ | للمعاليِ وصالِح الأعمال |