الرئيسية » » مأساة رجل | علي محمود طه

مأساة رجل | علي محمود طه

Written By Unknown on الأحد، 11 أغسطس 2013 | أغسطس 11, 2013

مأساة رجل
ماذا تركت بعالم الأحياء و أخذت من حبذ و من بغضاء
لك بعد موتك ذكريات حيّة جوّابة الأشباح و الأصداء
هتكت حجاب الصذمت عنك و ربما هتكت غشاء المقلة العمياء
فرأت مخايل وادع متواضع في صورة من رقذة و حياء
متطامن النّظرات إلا أنّها نفّاذة لمكامن الأهواء
متفرّسات في سكينة قانص لم يخل من حذر و فرط دهاء
شيخ أطلّ على الشّتاء ة قلبه متوقّد كالجمرة الحمراء
مرّ الرّفاق به ، فشيّع ركبهم و أقام فردا في المكان النّائي
و طوى الحياة كدوحة شرقية أمست غريبة تربة و سماء
لبست جلال و حادها و ترفّعت بالصّمت عن لغو و عن ضوضاء
لم تنزل الأطيار فئ ظلالها، أو تبن عشّا، أو تحم بالغناء
حتّى إذا عرّى الخريف غصونها من وشي تلك الحلّة الخضراء
عبرت بها صدّاحة في سجعها لغة الهوى و رطانة الغرباء
وا رحمتاه للنسر يخفق قلبه بصبابة القمريّة البيضاء
هي لمعة القبس الأخير و قد خبا نجم المساء و رعشة الأضواء
و توثّب الرّوح الحبيس و قد شدا ثملا بسحر اللّيلة القمراء
و حناية الحسن الغرير إذا رمى فشريق دمع ، أو غريق دماء
***
و مهاجر ضاقت أوطانه و تأثّرته مخاوف الطّرداء
لم تثنه شيخوخة مكدودة دون السذفار و لا صقيع شتاء
متطلّب حقّ الحياة لخافق أمسى مهيض كرامة و إباء
من كان في أمس يسوس أمورهم ضنّوا عليه بفرحة الطّلقاء
يقضون باسم المال فيه كأنّما ضمنوا لمصر مصادر الإثراء
هلاّ قضوا لمقاصف و مصارف مغفورة ، منهومة الأحشاء
أكلت دم الفلاح ثم تكفّلت بحصاد حنطته و جلد الشّاء
حبّ بلوت به العذاب و مثله مقة السياسة و هي شرّ بلاء
عصفت بأحلام الرّجال و سفّهت رأي اللّبيب ، و منطق الحكماء
كم فوق ساحلها خطى مطموسة كانت سبيل هداية و رجاء
و سفينة مهجورة ، محطومة حملت لها البشرى طيور الماء
أين اللّواء ؟ و ربّه ؟ و جماعة كانوا طليعة موكب الشّهداء
و أخو يراع في الصّفوف مدافع بيدي حواريّ و صدر فدائي ؟
لم ينصفوا حتّى ببعض حجارة خرساء ماثلة لعين الرائي !
و مضوا فما وجدوا كفاء صنيعهم تمثال حبّ ، أو مثال وفاء
تأبى السّياسة غير لون طباعها و تريد غير طبائع الأ شياء !!
قالوا : أحبّ الإنجليز و زادهم ود الحميم و موثق القرناء
ها قد أتى اليوم الذي صاروا به أوفى الدّعاة و أكرم الحلفاء
بتنا نغاضب من يغاضبهم و لا نأبى رعايتهم على الضّراء
رأي أخذت به و ليس بعائب ذمم الرّجال مآخذ الآراء
لكن سكتّ ، فقيل إنّك عاجز عن ردّ عادية و دفع بلاء
صمت تحيّر فيه كلّ محدّث ة الصّمت بعض خلائق الكرماء
في عالم ينسي الحليم وقاره و يرى البنين عداوة الآباء
و ترى التّوائم فيه بين عشّية متنافرات طبيعة ورواء
جهد الكرام به افترار مباسم و تكلّف في القول و الإصغاء
صور عرفت لبابها و لحاءها فكأنّما خلقت بغير لحاء
قد كنت تخلص لي الوداد فهاكه شعرا يصون مودّة الخلصاء
يجد الرّجال به على حسناتهم مدحي ، و عن هنواتهم إغضائي
فاصعد لربّك فهو أعدل حاكم و هو الكفيل برحمة و جزاء
و تلقّ من حكم الزّمان و عدله ما شاء من نقد و من إطراء
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads