النّاظِرُ إلى النافِذَةِ مَساءً
يَخالُ الرذاذَ أيّاما أخرى تُضافُ إلى الخريف الحزين
وحيدا يَلـُــفُّ سيجارته المُبتَلَّة بالنّدى و الانتظار
يُشعِلُها فتطير السّاعات من النّافِذَة أسرابَ حَمامٍ و ضوء
النّاظرُ إلى النّافِذَةِ مَسَاءً
يَبني في الاِحتمال حَدائقَ بيضاء
يرتادُها خِلسَةً
ليُفرغ أكياس حُزنه و كُؤوسَه التي تَشَقّقتْ من العَطَش و الفراغ
كلّ الورود في الحديقة
و وُرودُهُ مغرُوسَةٌ فوق الغيم
حيثُ الماء و الضباب مُدُن في الأفق اللّيليّ
ٍالليلُ المنكسر إلى أزمنة
تَحتاج قنديلا كي تَعبُر دمعَتَه المعلّقة في الغيم
السّاهرُ في ليل الفِكرةِ
يستضيء بشمعةٍ و يَجُوب الفراغات راشِقًا العالَم بحُروفِهِ
و يَقطِف النّجوم من الشّجر السّماويّ
و الغُيومَ من الفِكرَة الشّارِدة
تابِع الشُّهُبَ التي عَبرتْ مَجَرّتكَ فجرًا
و انثرْ مَواويلَكَ في السّواد
سيَنبُتُ في جُفونِكَ عُشب و تُزهِرُ الفِكرَة مِلءَ الدّمعِ و الصّلوات العالية
فارتَقِبْ شِهابًا يحمِلُ أقباسًا من قلبِك إلى الحلم
ليضيءَ هناك
و يَسكُب دمعَكَ للشّوك و الرّيح
أشعِل أصابِعَكَ أيها السّاهر عند نافذة عمياء
لتَرى بِكَفِّكَ قصيدة اللّيل
و ارشُق بحروفكَ سَقفَهُ
ستُشرق شُموسٌ من لِحافِهِ الدّاكن
و هذا الضباب سأصرَعُ ظِلّهُ على بابكَ اللّيلِيّ
كي أعبُر هذا العالَمَ مغمُورًا بالوُضُوحِ
حازمًا على ظهري الأغاني المُتعَبَة
و نَظَرات فلّاحينَ لا يفقَهونَ غير بِدايات الفُصول و رائحة الطّين
و زُمَرًا من المَنجَميّين الثّرثارين
و الأقمار التي فَشِلت في دورِها في نَثرِ الضوء و النّعاس على شبابيكنا الواطئة
أتركهم جميعًا في مَحطّة معلّقة فوق الغُبار
خارج المَجَرّة التي تُسَيّج حلمي بأَجرامِها النّاتئة
و أعود إلى نافذتي مُمتَنّا لقَطَرات النّدى التي تطرُقُ قلبي كلّ صباح
ألـُفُّ سيجارَةً مُتعَبَةً مُتابِعا طـُرُقًا من الدّخان تتشكّل في الصّدى
أسلُكُها مَاشِيًا إلى الحُلم و أتلاشى فِكرَةً في الهَواء
ـــ عادل أحمد العيفة ــــ