شاعر في المنفى
ساهراً أنزفُ القصيدةَ وحدي | وقوافي من همومٍ وسُهدِ |
والفراغُ الذي أُفلسفُ حزني | في متاهاتهِ طعامي ووِردي |
والغرابات حُشَّدٌ تتمطى | فوق رأسي وتسهر الليل عندي |
ويراعي يخطُّ ما ليسَ يدري | ويرى ما يخطُّه ليس يُجدي |
ههنا غربتي استحالت جذوراً | في جذوري ، كأنها إرث جَدِّي |
من رآني هنا أجُرُّ خبالاً | ناسجاً من خبالِ عصريَ بُردي |
***
| |
من جنوب الجنوب جئتُ وشعري | لفحُ نارٍ أقلُّ ما فيه يُردي |
من جنوب الجنوب جئتُ وحيداً | مستجيراً أجُرُ خلفيَ قيدي |
والأمانيُّ دمعةٌ في عيوني | تتلظى، وصفعةٌ فوقَ خدي |
وبقلبي مفاوزٌ من حنينٍ | خددتها سياطُهم فوقَ جلدي |
صنفوني تآمرياً ، وقالوا : | أبعدوه ،إنَّ التَطرُفُ يُعدِي |
ألأني ثَبَتُّ في وجه خصمي | كَافَؤوني على ثباتي بطردي؟ |
أم لأن الذين فرُّوا وهرُّوا | في "حزيرانَ " عربدوا فوقَ لحدي |
أم لأن النظام في كل شبرٍ | خائنٌ يُفتدى وشعبٌ يُفَدِّي |
من بنا جاء يا زمانُ غريباً ؟ | ومتى تُنضج الغراباتُ رُشدي ؟ |
***
| |
جئتُ أستخبرُ السنين الحُبالى | عن طريقِ إلى الأسى لا يؤدي ؟ |
عن ممرٍ أسيرُ فيهِ وعيني | لا ترى في ضُلوعه أيَّ جُندي |
عن بني " يعربٍ " متى عربد الجبنُ | بأسيافهم ، وماتَ التحدي |
عن كؤوسٍ من المآسي شربناها | بحلمٍ من الشعاراتِ وَرْدِي |
***
| |
كلَّ عامٍ أقولُ: يا عامُ مهلاً | أيَّ شعبٍ إلى الرصاصِ ستهدي؟ |
أيَّ سجنٍ ستبتني؟ أيَّ ركنٍ | من بلادي ،ستبتليهِ بوغدِ ؟ |
أي لصٍ سيبتني من دمانا | ألف قصرٍ ؟ وأي عذر ستُبْدي ؟ |
أيَّ فنانةٍ ستكشفُ منها | ما تغطى ؟ وأي عُهرٍ سَتُسْدِي؟ |
***
| |
يا بلادي ، ترمدت في فؤادي | أمنياتي ، وتاهَ في السيرِ قصدي |
وامتطى خنجرُ ابنِ عمي ضلوعي | بعدما كانَ زنده بعضُ زندي |
وبرغمي أبيتُ جرحاً وأشدو: | يا وعيدي متى سينهلُّ وعدي |
وأنادي : يا " مصرُ " أدري لماذا | جئتُ وحدي وأرحلُ الآنَ وحدي |
فإذا أطفأوا اللظى في عيوني | سوفَ يأتي من يشعلُ النارَ بعدي |