الرئيسية » » رجوع الهارب | علي محمود طه

رجوع الهارب | علي محمود طه

Written By Unknown on الأحد، 14 يوليو 2013 | يوليو 14, 2013

رجوع الهارب
 علي محمود طه 

قرّبت للنور المشع عيوني و رفعت للّهب الأحمّ جبيني
و مشيت في الوادي يمزّق صخره قدمي، و تدمي الشّائكات يميني
و عدوت نحو الماء و هو مقاربي فنأى و ردّ إلى السراب ظنوني
و بدت لعيني في السّماء غمامة فوقفت، فارتدّت هنالك دوني
و أصخت للنسمات و هي هوازج فسمعت قصف العاصف المجنون
يا صبح : ما للشّمس غير مضيئة يا ليل : ما للنّجم غير مبين؟
يا نار : ما للنار بين جوانحي يا نور : أين النّور ملء جفوني؟
ذهب الّهار بحيرتي و كآبتي و أتى المساء بأدمعي و شجوني
حتى الطّبيعة أعرضت و تصاممت و تنكّرت للهارب المسكين !!
***
أن لم يكن لي من حنانك موئل فلمن أبثّ ضراعتي و حنيني؟
آثرت لي عيش الأسير فلم أطق صبرا و جنّ من الأسار جنوني
فأعدتني طلق الجناح و خلت بي للنّور جنّة عاشق مفتون
ة أشرت لي نحو السّماء فلم أطر ورددت عين الطائر المسجون
نسي السّماء و بات يجهل عالما ألقى الحجاب عليه أسر سنين
و لقد مضى عهد التّنقل و انتهى زمني إليك بصبوتي و فتوني
لم ألق بعدك ما يشوق نواظري عند الرّياض ، فليس ما يصبيني
فهتفت أستوحي قديم ملاحني فتهدّجت و تعثّرت بأنيني
و نزلت أستذري الظلال فعقّني حتّى الغصون غدون غير غصون
فرجعت للوكر القديم و بي أسى يطغى عليّ و ذلة تعروني
لما رأته غرورقت عيناي من ألم ، و ضجّ القلب بعد سكون
و مضت بي الذّكرى فرحت مكذبا عيني ، و متّهما لديه يقيني
و صحوت من خبل و بي مما أرى إطراق مكتئب و صمت حزين
فافتح لي الباب الذي أغلقته دوني ، و هات القيد غير ضنين
دعني أروّ القلب من خمر الرّضى و أنم على فجر الحنان عيوني
و أعد إلى أسر الصّبابة هاربا قد آب من سفر اللّيالي الجون
عاف الحياة على نواك طليقة و أتاك ينشدها بعين سجين !!
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads