قدومٌ ولكن لا أقولُ سعيدُ
مصطفى لطفي المنفلوطي
قدومٌ ولكن لا أقولُ سعيدُ | وملكٌ وإن طالَ المدى سيبيدُ |
بعدتَ وثغر الناس بالبشرِ باسِمٌ | وعدتَ وحُزنٌ في الفُؤادِ شديدُ |
تمر بنا لا طرفَ نحوكَ ناظرٌ | ولا قلبَ من تلك القلوبِ ودُودُ |
علام التهاني هل هناك مآثِرٌ | فنفرحَ أو سعىٌ لديكَ حميدُ |
إذا لم يكن امر ففيمَ مواكبٌ | وإن لم يكن نهى ففيمَ جُنودُ |
تذكرنا روياكَ أيامَ أُنزِلَت | علينا خطوبٌ من جُدودِكَ سُودُ |
رَمتنا بكم مقدونيا فأصابنا | مصوبُ سهمٍ بالبلاءِ سديدُ |
فلما توليتم طغيتم وهكذا | إذا أصبح التركي وهو عميدُ |
فكم سُفِكت منا دماءٌ بريئةٌ | وكم ضمنت تلك الدماءَ لحودُ |
وكم ضمّ بطنُ البحر أشلاءَ جمةً | تمزِّقُ أحشاءً لها وكُبُودُ |
وكم صارَ شملٌ للبلادِ مشتتا | وخربَ قصرٌ في البلادِ مشيدُ |
وسيقَ عظيمُ القومِ مِنَّا مكبلاً | له تحتَ أثقالِ القُيودِ وئيدُ |
فما قام منكم بالعدالةِ طارفٌ | ولا سار منكم بالسدادِ تليدُ |
كأني بقصرِ الملكِ أصبحَ بائداً | من الظلمِ والظلمُ المبينُ مُبيدُ |
ويندبُ في أطلاله البومُ ناعباً | له عندَ ترديدِ الرثاءِ نشيدُ |
أعباس ترجو أن تكونَ خليفةً | كما ودَّ آباءٌ ورامَ جُدودُ |
فيا ليتَ دنيانا تزولُ وليتنا | نكون ببطنِ الأرض حين تسودُ |
أعباسُ لا تحزن على الملك إنه | تقضى فهذا الحزن ليس يفيدُ |
أعباسُ صار الملكُ في يد عادلٍ | يذبُّ الردى عن حوضهِ ويذودُ |
وقد كان جفنُ الدهر وسنانَ هاجداً | وها هو هب اليومَ منه هجود |
بريطانيا لا زالَ أمركِ نافذاً | وظلكِ في أرجاءِ مصرَ مديدُ |
ليصبح شملُ الأمرِ وهو منظمٌ | ويصبحَ عنه الظلمُ وهو طريدُ |
أيجرؤُ ذِئبٌ أن يدوس برجلِهِ | عريناً وفي ذاكَ العرينِ أسودُ |
فأنتِ احتللتِ القُطرَ والقُطرُ دارِسٌ | فأضحى بفضلِ العدلِ وهوَ جديدُ |
متى ما أرى الأعلامَ يخفق ظلُّها | على أرضِ مصرٍ إنني لسعيدُ |