اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ
اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ | فأنتَ بها برٌوأنت لها أبُ |
وما وجدتْ مثلي لها اليومَ شاعراً | أياديكَ تمليها عليَّ فأكتبُ |
وهل كلساني إن مدحتُكَ مبدعٌ | وهل كبياني ساحراً حين أنسبُ |
دع الشعرَ تقذفهُ من البحرِ لجةٌ | إليكَ ويلقيهِ من البر سبسبُ |
فإن يممَ الغرُّ الميامين مكةً | حجيجاً فهذي كعبة الشعرِ يثربُ |
طلعتْ عليها طلعة البدرِ بعد ما | تجللها من ظلمةِ الظلمِ غيهَبُ |
بوجهٍ لو أن الشمس تنظرُ مرةً | إليه لكانت ضحوةُ الصبحِ تغربُ |
فجليتَ عنها ما أدلهمَّ وأبرقتْ | أسارير كانتْ قبلَ ذلكَ تقطبُ |
وهل كنتَ إلا ابن الذي فاضَ برُهُ | عليها كما انهلَّ الغمام وأعذبُ |
فكنْ مثلُهُ عدلاً وكُن مثلهُ تقىً | وصن لبنيهِ ما يد الدهرِ تنهبُ |
سما بكَ أصلٌ طبقَ الأفقَ ذكرهُ | وسارتْ بهِ الأمثالُ في الأرضِ تضربُ |
وقومٌ همُ الغرُّ الكواكب كلما | تغيبَ منهم كوكبٌ لاح كوكبُ |
وهم معشر الفاروقِ من كل أغلبٍ | نماهُ إلى ليث العرينةِ أغلبُ |
حفظتَ لهم مجداً وكانَ مضيعاً | وأبقيتَ فخراً كانَ لولاكَ يذهبُ |
ونالكَ فضلُ الله والملكِ الذي | أرى كل ملكٍ دونهُ يتهيبُ |
إذا ذكروهُ كبرَ الشرقُ بهجةً | وإن لقبوهُ أكبرَ الشرقِ مغربُ |
يصدعُ قلبَ الحاسدينَ وإنهُ | إلى كل قلبٍ في الورى لمحببُ |
ويرضي رعاياهُ فيردي عدوهُ | وما زالَ في الحالينِ يُرجى ويُرهبُ |
حباكَ بها غراءَ يفترُ ثغرها | وكنتَ لها بعلاً وغيركَ يخطبُ |
وكم أمَّلتها أنفسٌ فتحجبتْ | وبنتُ العلا إلى عن الكفءِ تحجبُ |
سموتَ إليها وما ونيتَ وقد أرى | ذوائبَ قومٍ دونها تتذبذبُ |
فطر فوقها ما العزّ عنكَ بمبعدٍ | وفضلُ أمير المؤمنينَ مقربُ |
كأني بربِّ الروضةِ اليومَ باسماً | وصدِّيقهُ يزهى وجدكَ يعجبُ |
ويثربُ مما أدركتْ من رجائها | بمقدمكَ الميمون باتتْ ترحبُ |