مَذاق الخُلْد
أعْصُرْ ثِمارَ الهَنا وامْنحْ شَرايينى | مَذاقَ خُلدٍ به يَبْيَضُّ تَكْوينى |
أَوقِفْ نزيفى - ففى فِيهِ فَحِيحُ أسًى - | واكْبحْ جِماحى وزَحْزِحْ خِسّةَ الطّينِ |
إنّى أَرانى يَقُصّ الَهمُّ مِن عُمُرى | وبَعْدَ رُشْدِى شَريداً كالمجانينِ |
كأَنّ ظِلّى إذا ما سِرْتُ فى بَلَدٍ | يأْبى اتّباعى ولا يَرضَى عَناوِينى |
كأَنّ جِسمى بهِ أَدْواءُ عالمِنا | سَطَتْ عليه ، ولا طِبٌّ يًداوينى |
كَأنّ كُلَّ لَظًى فى الكوْنِ يَرْصُدُنى | وَيصْطَفِى وَقْتَ ضَعْفى ُثمّ يَرمينى |
كأنّ رُوحى تَفِرّ الآن من جَسَدى | إذ لا تَراه جَدِيراً بالرّياحِينِ |
كأنّ قَلْبى به الدّقاتُ قد يئِستْ | لما تَرَى من أفاعيلِ الملاعينِ |
ياعقلُ قُلْ لى ، ولا تَبْخلْ بأَجْوِبةٍ | تَشفى، لعلّى بها تَنمو بَساتينى |
ماذا عن الصَّمتِ ، والإعصارُ يَغدُر بى | وعن فِرارٍ أمام النذْلِ والدّونِ |
ماذا عن العارِ ، والتاريخُ يُكتبُ فى | صَحائفِ الأرضِ والأجيالُ تَروينى |
ماذا عن الماءِ ،جَفّ الماء من نَهَرِى | وانْهارَ صَبْرِى وإحْباطِى يُغطّينى |
ماذا عن الخُبْزِ ، أين الخبزُ ياوَطَنى | وأين زَيْتى وتُفّاحى وَليْمونى |
ماذا عن الدارِ، عن تلك التى اغْتُصِبَتْ | وأَعْيُنُ الجُبْنِ قَالت ليس يَعْنينى |
ماذا عن الجارِ ، أَنَّ الجارُ من كَمَدٍ | فقُلْتُ ، صَوْتُ أَسى الجيرانِ يُشْجِينى !!! |
ماذا عن الغِشِّ ، والغشاشُ فى سَعَةٍ | من الحياةِ ، وضاقَتْ بالأساطِين |
ماذا عن الظُّلمِ ، شَبَّ الظُّلمُ فاحْتَرَقَتْ | أعْلامُ عِلْمى ، وَمَنْ قادوا أهانُونى |
وعن شبابٍ نَسُوا سيْفًا لوقْتِهِمُ | فدَنَّسُوا الوقْتَ بالأقْذارِ والهُونِ |
وعن فتاةٍ مَشَتْ للَوهْمِ مِشْيَتَها | وفَتّشَتْ عن فُتاتٍ – فيه- مأفُونِ |
وعن شُيوخٍ تناسَوْا قُرْبَ محْوِهِمُ | من الوجودِ، وباعوا دُرّةَ الدّينِ |
نادى المُنادِى ، فصَمَّ الناسُ أُْذْنَهُمُ | وعانقوا التِّيهَ ، هاموا فى البراكينِ |
فزلزلَ اللهُ أرضًا بالغَبا مُلِئَتْ | فأصْبَحَتْ كالهَبا ، مُذْ ذلك الحِينِ |
هَواكَ حينَ بَدا ، والرّوحُ فى مَرَحٍ | والقَلْبُ فى فَرَحٍ والطُّهرُ يَحْوينى |
وكُلُّ ظُلْمٍ لخَلْقِ الله يُؤْسِفُنى | وكُلُّ عدْلٍ لخَلْقِ الله يُرضِينى |
وكُلُّ قَتْلٍ لأَهْلِ الحقِّ يَقْتُلُنى | وكُلُّ نَصْرٍ لأهْلِ الحقِّ يُحْيِينى |
وكلُّ سعْىٍ إلى الرحمَنِ يَجْعلُنى | أرى السّعادةَ فى تَقواىَ ، فى دِينى |
لقَدْ صَلُحْتُ فلا زَيْفٌ سيجْذِبُنى | إليه ،جاء الصَّفا ..، مِفتاحُ تَمْكِينى |
وهل أُساوِى عَطاءً دائمًا أبداً | بلحْظَةٍ مِلْؤها رِجْسُ الشَّياطِينِ |
فعِ الكلامَ وَدَعْ شكًّا شَقِيتُ بِهِ | ذَوِّبْ يقِيناً- يَقينا- فى الشّرايين |
فحُبُّ ربِّ الوَرى أََنْوارُهُ سَطَعَتْ | سُبحانه وتعالى شَاءَ يَهْدِينى |