بحيرة كومو
هيئي الكأس و الوتر | تلك كومو مدى النّظر |
و اصدحي يا خواطري | طويت شقّة السّفر |
و دنت جنّة المنى | و حلا عندها المقر |
قد بعثنا بها على | موعد غير منتظر |
في ماء كأنّه | حلم الشّيخ بالصّغر |
البحيرات و الجبا | ل توشّحن بالشّجر |
و تنقّبن بالغما | م و أسفرن للقمر |
و البرونات غادة | لبست حلّة السّهر |
نثرت فوقها الدّيا | ر كما ينثر الزّهر |
و عبرنا رحابها | فأشارت لمن عبر |
هاكها قبلة ، فمن | رام فليركب الخطر ! |
فسمونا لخدرها | زمرا تلوها زمر |
في زجاج محلق | لا دخان و لا شرر |
يتخطى بنا الفضا | ء على السّندس النّضر |
سلّم يشبه الصّرا | ط تسامى على البصر |
فإلى النّجم مرتقى | و إلى السّحب منحدر |
و حللنا بقمّة | دونها قمّة الفكر |
بهج في كنوزها | للمحبّين مدّخر |
بابل ؟ أم بحيرة ؟ | أم قصور من الدّر؟ |
أم رؤى الخلد في الحيا | ة تمثّلن للبشر ؟ |
حبّذا أمسياتها | و حنينا إلى البكر |
و نزوعا إلى السّفيـ | ـن تهيّأن للسّفر |
نسيت شغلها القلو | ب و هلّلن للسّمر |
أوجه مثلما رنت | زهرة الصّيف للمطر |
أضحيانيّة السّما | ت هلالية الطّرر |
يتوهّجن بالشّبا | ب و يندين بالخفر |
طلعة تسعد الشّقيّ | و تعطي له العمر |
تمنح الحظّ من تشا | ء ، و تبيقي ، و لا تذر ! |
إنّما تنظر السّما | ء إلى هذه الصّور |
لترى الله خالقا | مبدعا ، معجز الأثر |
شاعر النّيل طف بها | غنّها كلّ مبتكر |
الثلاثون قد مضت | في التّفاهات و الهذر |
فتزوّد من النعـ | ـيم لأيّامك الأخر |
أين وادي النّخيل أم | قاهريّاته الغرر؟ |
لا تقل أخصب الثّرى | فهنا أوراق الحجر !! |
ههما يشعر الجما | د و يوحي لمن شعر ! |
آه لولا أحبّة | نزلوا شاطئ النّهر |
و رفات مطهّر | و كريم من السّير |
لتمنّيت شرفة | لي في هذه الحجر |
أقطع العمر عندها | غير وان عن النّظر |
فلقد فاز من رأى | و لقد عاش من ظفر |
***
| |
يا ابنة العالم الجديـ | ـد صلي عالما غير غبر |
في دمي من تلااثه | نفحة البدو و الحضر |
و أغان لمن شدا | و معان لمن فخر |
ما تسرّين ؟ أفصحي ! | إنّ في عينيك الخبر |
الغريبان ههنا | ليس يجديهما الحذر |
نحن روحان عاصفا | ن و جسمان من سقر |
فاعذري الرّوح إن طغى | و اعذري الجسم إن ثأر |
نضبت خمر بابل | و هوى الكأس و انكسر |
و هنا كرمة الخلو | د فطوبى لمن عصر |
فيم ، و النبع دافق، | يشتكي الظّامئ الصّدر ؟ |
و لمن هذه العيون | تغمّرن بالحور ؟ |
بتن يلعبن بالنّهى | لعب الطّفل بالأكر |
هنّ أصفى من الشّعا | ع و أخفى من القدر |
و لمن توشك الثّدى | وثبة الطّير في السّحر ؟ |
كلّ إلف لإلفه | همّ بالصّدر و ابتدر |
عضّ في الثّوب و اشتكى | وطأة الخزّ و الوبر |
سمة الطّائر المعذّ | ب في قيده نقر |
و لمن رفّت المبا | سم و استرسل الشّعر ؟ |
ثمر ناضج الجني | كيف لا نقطف الثّمر |
ما أبى الخلد آدم | أو غوى أو عثر ! |
زلّة تورث الحجى | و تري الله من كفر ! |
كأسنا ضاحك الحبا | ب ، مصفّى من الكدر |
فاسكبي الخمر و ارشفيـ | ـه على رنّة الوتر |
و إذا شءت فاسقنيـ | ـه على نغمة المطر |
فغدا يذهب الشبا | ب و تبقى لنا الذّكر |