الرئيسية » » عيد التتويج | علي محمود طه

عيد التتويج | علي محمود طه

Written By Unknown on السبت، 3 أغسطس 2013 | أغسطس 03, 2013

عيد التتويج


ما الرعاة ! آثارهم فترنموا ؟ هل طاف بالصّحراء منهم ملهم ؟
أم ضوّأت سيناء في غسق الدّحى و جلا النّبوءة برقها المتكلم ؟
نظروا خلال سمائها و تأأمّلوا و تقابلت أنظارهم فتبسّموا
إيه فلاسفة الزّمان فأنتمو ببشائر الغيب المحجّب أغلم
هذا النّشيد الأسيويّ معاده نبأ تقرّ به الشعوب و تنعم
و طريقكم مصر و إنّ طريقها أثر الوحي القديم و معلم
ألاّ يكون الفجر هدي خطاكمو فدليلكم قبس الخلود المضرم
هو سحر مصر ، و عرشها ، و لواؤها و الصّولجان ، و تاجها المتوسم
و جبين صاحبها العزيز و إنّه نور على إصباحها متقدّم
أوفى على الوادي بضاحك ثغره وجه تقبّله السّماء و ترأم
مسترسل النّظر البعيد كأنّه ملك يفكر أو نبيّ يلهم
و كأنّما الآمال عبر طريقه أنفاس روض بالعشيّة ينسم
ينتظر الحقل النّور خطوه و النّهر و الجبل العريض الأيهم
فكأنّ روحا عائدا من طيبة فيه شباب ملوكها يتبسّم
هتف البشير به فماجت أعصر و تلفّتت أمم و دارت أنجم
هذا هو الملك الذي سعدت به مصر ، و هذا حبّها المتجسّم
***
لمن البنود على العباب خوافقا لمن النّسور على السّحاب تحوم ؟
لمن المواكب مائجات مثلما أومت عصا موسى فشقّ العيلم ؟
و لم الصّباح كأنّما أنداؤه كأس تصفّق أو رحيق يسجم ؟
و لم اختلاج النّيل فيه كأنّه شيخ يذّكر بالشّباب و يحلم ؟
و لمن هتاف بالضّفاف مردّد أشجى من الوتر الحنون و أرخم ؟
و لمن عواصم مصر حالية الذّرى تغزوا بوارقها النّجوم و تزحم ؟
و لم احتشاد سرائري و خواطري و لمن شفاه بالدّعاء تتمتم ؟
أسكندرية قد شهدت فحدّثيني فاليوم قد وضح الحنين المبهم !
هاتي املأي كأسي و غنّى و اعصري خمرا أعلّ بها و لا أتأثّم
إن كنت أفق الملهمين و أيكهم إنّي إذا غرّيدك المترنّم
يا درّة البحر التي لم يتّسم جيد البحار يمثلها و المعصم
جددّت أعراس الزّمان وزانها ركب لفاروق العظيم و مقدم
ما عاد جبّار الشّعوب و إنّما قد عاد قيصرك الرّشيد المسلم
في مهرجان لم يحط بجلاله وصف و لم يبلغ مداه توّهم
يوم الشّباب و لا مراء و إنّه للشّرق عيد و الكنانة موسم
قد فتح التّاريخ كتابه يصغي إليه و يشرئبّ المرقم
مولاي ، أمل عليه أوّل آية لشباب شعب خالد لا يهرم
هو من شبابك يستمدّ رجاءه و يسود باسمك في الحياة و يحكم
فبعثه جيلا واثبا مقتحّما إنّ الشّباب توثّب و تقحّم
هزّ الفتى الأموي تحت إهابه منه مضاء كالحسام مصمّم
فمشى يطوّح بالعروش كأنّه شمشون في حلق الحديد يحطّم
دون الثلاثين استثير فأجفلت أمم وراء تخومه تتأجّم
و المجد موهبة الملوك و إنّما تبني المواهب، و الخلائق تدعم
و يضيق بالشّعب الطّموح يقينه و يثير مرّته الخيال فيعرم
قوت الشّعوب وريّها أحلامها إنّ الخيال إلى الحقيقة سلّم
***
يا عاقد التّاج الوضيء بمفرق كالحقّ معقده هدى و تبسّم
أعظم بتاجك جوهرا لم يحوه كنز و لم يحرز حلاه منجم
ميراث أول مالكين سما بهم عرش أعزّ من الجبال و أضخم
نوابك شعبك حينما طالعتهم طاف الرّحيق البابليّ عليهم
هتفوا بمجد و استخفّ وقارهم أمل يجلّ عن الهتاف و يعظم
أقسمت بالدستور و الوطن الذي بك بعد ربّك في العظائم يقسم
برّا بوالدك العظيم و ذمّة لجدودك الصّيد الذين تقدّموا
و تطلعت عبر المدائن و القرى مهج يكاد خفوقها يتكلّم
تصغي لصوتك في السّحابو رجعه لحن على أوتارهنّ ينغم
خشعت له النّسمات وهي هوازج و تنصّت العصفور و هو يهينم
وضعت سنابل مثلما أوحى لها تأويل يوسف فهي خضر تنجم
يا صوت مصر ، و يا صدى أحلامها زد روعتي ممّا يهزّ و يفعم
ألقى المقادة في يديه وديعة شعب لغير خطاك لا يترسّم
فتلقّ تاجك من يديه فإنّه في الدّهر عروته التي لا تفصم
فليهنأ الملك الهمام بعيده و ليعرض الجيش الكميّ المعلم
مولاي جندك ماثلون فأولهم سيفا يقبّل أو لواء يلثم
لمّا رأوك على جوادك قائما و ضعوا السّيوف على الصّدور و أقسموا
و كأن إبراهيم طيفك ماثلا و كأنّ الشعوب بمثل جيشك تكرم
الأرض تعرفه و تشهد أنّه سيل إذا امع الحديد و قشعم
طروس أم عكّاء عن أمجاده تروي؟ أم البيت العتيق و زمزم ؟
أم حومة السّودان، و هي صحيفة السّيف خطّ سطورها و اللّهذم ؟
أم مورة الشّماء يوم أباحها و النّار حول سفينه تتهزّم ؟
لولا قراصنة عليها تآمروا لم يعل نافرين هذا الميسم
فاغفر لما صنع الزّمان فإنّها بؤسى تمرّ على الشّعوب و أنعم
و انفخ به من بأس روحك سورة يرمي سطاها المستخفّ فيحجم
فالرّفق من نبل النّفوس و ربّما يلحى النّبيل بفعله و يذمّم
إنّا لفي زمن حديث دعاته نسك ، و لكنّ السّياسة تأثّم
ووراء كلّ سحابة في أفقه جيش من المتأهّبين عرمرم
***
قالوا : فتى عشق الطّبيعة و اغتدى بغرائب الأشعار و هو متيّم
و طوى البحار على شراع خياله يرتاد عالية الذّرى و يؤمّم
أنا من زعمتم : غير أنّي شاعر أرضي البيان بما يصوغ و يرسم
إنّي بنيت على القديم جديده و رفعت من بنيانه ما هدّموا
الشّعر عندي نشوة علويّة و شعاع كأس لم يقبّلها فم
و لحون سلم أو ملاحم غارة غنّى الجبال بها السّحاب المرزم
أرسلته يوم النّداء فخلته نارا و خلت الأرض خضّبها الدّم
و دعاه عرشك، استهلّ خواطرا فأتيت عن خطراتهنّ أترجم
و رفعت رأسي للسّماء و خلتني أتناول النّجم البعيد و أنظم
فاقبل نشيدي إن عطفت فإنّه صوت الشّباب و روحه المتضرّم
و سلمت يا مولاي للوطن الذي بك يستظلّ ، و يستعزّ ، و يسلم !


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads