ما بين غامِضنا
- أحمد بن الحسين المتنبـّي -
| |
*
| |
مُعَتَّقٌ دَمُ هذا الصوتِ .. موَّارُ
| |
فأيَّ نَخْـبٍ لـهذا المـوتِ تختارُ
| |
بحجمِ قافيةٍ سيَّارةٍ ذُبـحتْ
| |
من الوريدِ ..ردىً في الكون سيَّارُ
| |
يا ابنَ الدمِ المُستحيلِ الآن أرصفةً
| |
تسكَّعَتْ فيــه نيرانٌ وثــُوَّارُ
| |
هَدْهَدتُ أُفْقَكَ كي تأوي القصيدَ يدي
| |
فزلْزلتْني سماءٌ فيك تنهــــارُ
| |
وأشعلتْني على عينيكَ آلهـــــةٌ
| |
مذهولـةٌ .. وعلى كفَّيْكَ أقمارُ
| |
مِنْ بَدْئِها لُغتي .. في كفِّكَ اكْتمـلتْ
| |
وفي يدي صوتُك الدَّهْريُّ معطارُ
| |
كأنما انْفلتـت ما بين غامضِنــا
| |
مـدى اللغـاتِ قياماتٌ وأسرارُ
| |
...
| |
وَجْهانِ للموتِ .. صوتي حين تنـْزَفهُ
| |
- وأنت ملْءَ الرَّدى والدَّهرِ هدَّارُ-
| |
وصوتُك البِكرُ..إذ تختارُ آخرةً
| |
وحشيَّةً .. وذهولَ الروحِ أختـارُ
| |
ياسيِّدَ الريحِ .. في عينيكَ قافيةٌ
| |
مقتولةٌ .. وثيابُ الوحي أطمـارُ
| |
هل كنتَ تعلمُ .. وجهُ البيدِ أخبرني
| |
وكاشَفتْني صباحاتٌ وأسحـارُ
| |
الخيلُ والليلُ والبيداءُ .. خائنـةٌ
| |
والسيفُ .. كالقلمِ العُشْبيِّ غَدَّارُ
| |
...
| |
أحتلُّ خارطةَ الدنيا .. وأرتجلُ الـ
| |
غيبَ المُقفَّى .. وحولي منك أسوارُ
| |
يَلُمُّني كُلُّ أُفْقٍ من نوارسِــــهِ
| |
وترتديــني مــداراتٌ وأغوارُ
| |
أعيدُ ترتيبَ مَوتٍ فيـكَ شقَّ دمي
| |
كما يَشُـقُّ سماءَ اللهِ إعصــارُ
| |
الآن ما بيننا صحْــراءُ قافيــةٍ
| |
شُطآنُهـا غيمتا حُلمٍ.. وتذكارُ
| |
أطفو وأرسبُ فيها كلَّما انكشفت
| |
في أحرفي .. وأضاءَ الروحَ مِضمارُ
| |
أمتدُّ في زمنٍ يمتــدُّ في زمـني
| |
كما استطالتْ بصوتي فيك أشجارُ
| |
يا ابن الحسين .. أما في الغيب مُتَّكَأٌ
| |
لي ، فالقصيدةُ مــن عينيَّ تمتارُ
| |
ترجَّلَ الموتُ في كفَّيَّ .. وارتبكتْ
| |
خُطى القصيدِ .. فمسُّ الوحي قهَّارُ
| |
...
| |
يا خائني برحيلٍ .. لا مسافتُه
| |
تخبو ، ولا كوكبٌ يحويـه دوَّارُ
| |
لِمَ اعتنقتَ إلهَ الصمتِ منفردا
| |
تحت السماءِ ، فلا قَبْـرٌ ولا دارُ
| |
أما ارْتضعْنـا معـا أثداءَ قافيةٍ
| |
أما اكتملنا .. ومسَّتْ صوتَنا النارُ
| |
وحدي ..
| |
كسيفِ اغترابٍ فيك منكسرٍ
| |
تطوفُ صوتيَ أوثانٌ وأحجــارُ
| |
أمشي لصوتي ..
| |
كما يمشي لشهوتهِ
| |
بَحرٌ ، وساحلُه الظمآنُ مـدرارُ
| |
وأرتديه كَعُرْيٍ يرتدي جسدي
| |
وكُلُّهم في مرايا العُقْمِ أطهــارُ
| |
قُتلتُ مثلك – يا ظلِّي – بلا ثمنٍ
| |
ثم انتفضتُ فلي في الموت أعمارُ
| |
للموت فاكهةٌ وحشيَّةٌ .. ودمٌ
| |
آلاؤه في القصيدِ البكـرِ أثـمارُ
|