نَظَمْتُ لآلىء ً الفِردوْسِ عِقدا
نَظَمْتُ لآلىء ً الفِردوْسِ عِقدا | ومن ذهب الأصيلِ وشيْتُ بُرْدا |
وسار مع النسيم نسيمُ شعري | فكان أرقَّ أذيالاً وأندَى |
غلائلُه ترِفُّ بكلِّ أرضٍ | فتنشرُ حوله مسكاً ونَداّ |
تلقَّاه الخمائلُ ضاحكاتٍ | تهزّ معاطفاً وتمُدّ خَدّا |
ويرقُمُ في الغديرِ سطورَ وَحْيٍ | وعاها الطيرُ حين شدا فأشْدى |
وكم همست بِمسمعه غصونٌ | فردَّد همسَها وَلَهاً ووجدا |
إذا ما الشعرُ كان شعاعَ نورٍ | أعار الشمسَ إشراقاً وخُلْدا |
يشيبُ فيستردَ صِباهُ غضَّاً | وما أحلى الشبابَ المستَردَّا |
طوَى الدنيا فليس الوعرُ وعراً | لوثبته وليس النجدُ نجدا |
إذا كفُّ الزمانِ رمت رماها | وإن جدّت به الأحداثُ جدّا |
وإن بسمت له الدنيا سمِعنا | نشيداً يملأُ الأطيارَ حِقْدَا |
تمَّنتْ أنْ يَكونَ لها صداهُ | فصعرّ خدَّه ونأَى وصدَّا |
وأين لمثلها وترٌ مُرِنٌّ | من الإلهامِ إحكاماً وشَدَّا |
يغرِّدُ للخلودِ بكل أُفْقٍ | وما عرفتْ له الآفاقُ حدّا |
لمستُ جَناحَه رفقاً فوافَى | وأغريتُ الوِدادَ به فودّا |
له حَبُّ القلوبِ فليس يطوَى | وماءُ المقلتين فليس يصدى |
أداعبُه فيصدَحُ عبقرياً | فتمتدُ الرقابُ إليه مدا |
ضننتُ به فلم يهتِف بعمروٍ | ولم تستهوهِ بَسَماتُ سُعدَى |
وصُنتُ لهاتَه عن كل لغوٍ | له خدّ الفتى العربيّ يندَى |
تلثّم بالإباءِ فعاش حرّا | ولو عرف الرياءَ لمات عبدا |
يهزّ حميَّة َ الفتيان نصلاً | ويحشُدُ رابضَ العزمات جُندا |
ويُشعِلُ في القلوبِ وميضَ نارٍ | كنيرانِ الكليمِ هُدى ً ورشدا |
ويشدو بالمروءة إن تراءت | وبالصنع الجميل إذا تبدّى |
تلّفت حوله فرأى عليّاً | ولم يبصر له في الطبِّ نِدَّا |
حوى هِمَمَ الرجال فكان جَمْعاً | وأُفرِد بالنبوغ فكان فَرْدا |
عزيمته ترد الغِمدَ سيفاً | وحكمتهُ تردُّ السيفَ غمدا |
يُحَبُّ دَماثة ً ويُهاب خوفاً | كغَمْرِ السيلِ خيف وطاب وِرْدا |
وفاءٌ لو تَقَسَّم في الليالي | لما نقضت لراجيهِن عهدا |
وعلمٌ يملأ الآفاقَ نوراً | وذِكْرٌ يملأ الأيامَ حمدا |
وصولة ُ حازمٍ ما حاد يوْماً | عن القصد السويِّ ولا استبدا |
وفكرٌ يلمَحُ الأقدارَ حتى | يكادَ يردُّها للغيْبِ رَدّا |
ووجهٌ مشرقُ القَسمَاتِ سَمْحٌ | يَفيضُ بشاشة ٌ ويلوحُ سعدا |
رآه الصبحُ منه فزاد حُسناً | وغار البدرُ منه فزاد سُهدا |
دنا كالشمس حين دنت شعاعاً | وحلّق مثلَها في الأفق بُعدا |
فلم نعرف له في الفضلِ قبْلاً | ولم نعرف له في النُبْل بَعْدا |
فتى مصرٍ وهل تلقى بمصرٍ | فتى أمضى وأورى منه زَنْدا |
تدارك مصرَ والميكروبُ يطغَى | وينفثُ سُمَّه ويؤُدُّ أدَّا |
طوى َ آجالَ أهليها هَباءً | وبدّد نسلَها فتكاً ووَأْدا |
فشدّ عليه مقداماً جريئاً | كما هيّجتَ يوم الرَوْع أسدا |
تحدّاه وصال ولو سواه | أراد لما استطاع ولا تحدّى |
فطهّر أرضها وحمى حِماها | وصان شبابَها وهدى وأهدَى |
تطيرُ بها البعوضة ُ وهي تدري | بأنّ وراءَها للموْتِ حَشْدا |
ويمشي القَمْل والدي دي رَصيدٌ | يُصوِّبُ خلفه السهَم الأسَدَّا |
وما طَنُّ الذبابِ سوى نُواحٍ | وقد حصدته أيدي العلم حصدا |
إذا الحشراتُ في مصرٍ تصدّت | مُناجِزة ً فأنت لها تصدَّى |
أننسى الجامبيا والموتُ فيها | يزمجرُ والقلوبُ تذوب كَمْدا |
وكاد اليأسُ يُوهِنُ كلَّ عزمٍ | ومصرُ تصارعُ الخصمَ الألدّا |
فخضتَ غِمَارها صَمداً هماماً | ورُعتَ بهما جُيَوش الموتِ جلدَا |
وأنْقَذْتَ الكِنانة مِنْ فناءٍ | وكنتَ لقومك الركنَ الأشدّا |
نُحيِّي المرء إن نجيّ حياة ً | فكيف إذا نجا الوطنُ المفدَّى |
فعش للطبِّ والفُصحى إماماً | وكن لكليهما عَضُداً وزَندا |
مدحتُك كي أُشيدَ بمجد مصرٍ | وأرسُمَ للشبابِ النهجَ قَصْدا |
وليس ينالُ شَأْوَك وصفُ شعري | ولو أفنيتُ عمر الشعر كدّا |
ومن أحصى مآثرك الغواليأَغْدقْ عَليْها سَحَابَا وَامْلأْ مَداها شَبَابَاوَافْتَحْ عَلَى النَاس فِيهالِلْخَيْرِ بَاباً فَبَاباجُزْتَ الطَريقَ فَصَارتْتِبْراً وَكَانَتْ تُرَابااليُمْنُ يَحْدو ذَهَاباًوَالسَعْدُ يَشْدُو إيَاباوَالنَخلُ ماسَتْ وَمَاَلَتْتَشَوّ | فقد أحصى نجومَ الليل عدّا سقط بيت ص |