أحقاً رأيتَ الموتَ دامي المخالبِ
أحقاً رأيتَ الموتَ دامي المخالبِ | وفي كلِّ نادٍ عصبةٌ حولَ نادبِ |
وتحتَ ضلوعِ القومِ جمرٌ مؤججٌ | تسعر ما بينَ الحشا والترائبِ |
وفي كلِّ جفنٍ عبرةٌ حينَ أرسلتْ | رأوا كيفَ تهمى مثقلاتُ السحائبِ |
أبى الموتُ إلا وثبةٌ تصدعُ الدجى | وكم ليلةٍ قد باتها غيرُ واثبِ |
فما انفلقَ الإصباحُ حتى رأيتهُ | وقد نشبتْ أظفارهُ بالكواكبِ |
وكم في حشا الأيامِ من مدلهمةٍ | قد ازدحمتْ فيها بناتُ المصائبِ |
هوى القمرُ الوهاجُ فاخبطْ معي السُّرى | إذ لاحَ ضوءُ الشمسِ بينَ الغياهبِ |
ووطَّنَ على خوضِ المنياتِ أنفساً | تساوقها الآجالُ سوقَ النجائبِ |
فهنَّ العواري استرجعَ الموت بعضها | وقصرُالبواقي ما جرى للذواهبِ |
أبعدَ حكيمَ الشرقِ تذخرُ عبرةً | وما هو من بعدِ لرحيلِ بآيبِ |
حثوا فوقَ خديهِ الترابَ وأرسلوا | عليهِ سحاباتِ الدموعِ السواكبِ |
لتبكِ عليكِ الصحفُ في كلِّ معركٍ | إذا ما انتضى أقلامهُ كلُّ كاتبِ |
فقدْ كانَ إن هزَّ اليراعَ رأيتهُ | يصولُ بأمضى من فرندِ القواضبِ |
ولم يكُ هياباً إذا حميَ الوغى | ورفرفتِ الأعلامُ فوقَ الكتائبِ |
وكانتْ سجاياهُ كما شاءَها الهدى | وشاءتْ لأهليها كرامُ المناقبِ |
ولا بدعَ أن تعزى الكواكبُ للعلى | وقد نسبتهُ نفسهُ للكواكبِ |
سلوا حامليهِ هل رأوا حولَ نعشهِ | ملائكةَ من حارب خلف حاربِ |
وهل حملوا التقوى إلى إلى حفرةِ الثرى | وساروا بذاكَ الطودِ فوقَ المناكبِ |
وهل اغمدوا في قبرهِ صارماً إذا | تجردَ راعَ الشرقَ أهلُ المغاربِ |
فكم هزَّهُ الإسلامُ في وجهِ حادثٍ | فهزَّ صقيلَ الحدِّ عضبَ المضاربِ |
أرى حسراتٍ في النفوسِ تهافتتْ | لها قطعُ الأحشاءِ من كلِّ جانبِ |
وما بعجيبٍ إن ذا الدهرِ قُلَّبٌ | إذا كانَ في أهليهِ كلُّ العجائبِ |