ترى يذكر الأحياء أهل المقابر
ترى يذكر الأحياء أهل المقابر | ويعتادهم فيها كشوق المسافر |
وهل تظمأ الأم العطوف إلى ابنها | إذا انتزعتها منه أيدي المقادر |
تقول ألا يا ليته لصق أضلعي | كعهدي به والنوم ملء المحاجر |
أضم إلى صدري حشاشة نفسه | وأملأ قلبي منه بعد النواظر |
وهل يحمل الصب المشوق ولوعه | ويصبو إلى سحر العيون الزواهر |
ويذكر أيام القطعية والنوى | وأيام وصل الآنسات الغرائر |
فإن جشأت في صدره غصص الجوى | وجلله وجد الحسان النوافر |
بكى شجوه في ظلمة القبر وانثنى | يعالج المام الخيال المزاور |
وما حال طفلٍ ضامر ظامئ الحشا | إذا غاله سهم المنايا الجوائر |
أيذكر ثدي الأم في كل لحظةٍ | ويبكي حجور المحصنات الحرائر |
وهل يحلم المفلوك في رقدة الردى | بما كان يلقى في الليالي الغواير |
فيحلم بالأيسار طوراً وبالغنى | وبالفقر والإملاق في كل آخر |
وهل يسع اللملحود ريعان زفرة | ينفسها قلبٌ جريح الضمائر |
على هرم هم برى الدهر عظمة | وقوسه عبء السنين المواقر |
قراه أسىً قد ضاق عنه احتماله | ومؤنسه في العيش سود الخواطر |
وتحسبه مما تقيد دميةً | سوى حسراتٍ أردفت بزاوفر |
وتحسبه مما تقوس طائراً | ولكنه عنه عشه غير طائر |
ستخبرني نفسي إذا حان حينها | وصرت كمن بادوا رهين حفائر |