الرئيسية » » شوقي | علي محمود طه

شوقي | علي محمود طه

Written By Unknown on السبت، 27 يوليو 2013 | يوليو 27, 2013

شوقي


هجر الأرض حين ملّ مقامه و طوى العمر حيرة و سآمه
هيكل من حقيقة و خيال ملك الحبّ و الجمال زمامه
ألهم الشعر أصغريه فرفّا في فم الدّهر كوثرا و مدامه
سلسبيل من حكمة و بيان فجّر الله منهما إلهامه
تأخذ القلب هزّة من تسا قيه و ينسى بسحره آلامه
غمر الأرض رحمة و سلاما و جلا الكون فتنة و وسامه
مالئا مسمع الوجود نشيدا علّم الطّير لحنه و انسجامه
ماله و الزّمان مصغ إليه ردّ أوتاره و حطمّ جامه؟
روّع الطّير يوم غاب عن الأيـ ـك و سالت جراحها الملتامه
ما الذي شاقه إلى عالم الرّو ح؟ أجل تلك روحه المستهامة!
راعها النّور و هي في ظلمة الكو ن فخفّت إليه تطوي ظلامه
هي بنت السّماء و هو من الأرض سليل نما التّراب عظامه
فاهتفوا باسمه فما مات لكنّ آثر اليوم في السّماء مقامهّ
***
حدثتني الرّياض عنه صباحل ما لصدّاحها جفا أنغامه؟
و شكا لي النّسيم أول يوم لم يحمّله للحبيب سلامه
و تسمّعت للغدير ينادي ما الذي عاق طيره و حيامه ؟
أتراه ترشفّ الفجر نورا أم شفى من ندى الصّباح أوامه
و رأيت الجمال في شعب الوادي ينادي بطاحه و إكامه
صارخا يستجير شاعره الشّا دي و يدعو لفنّه رسّامه
فتلفّت باكيا و بعيني شبح تخطر المنون أمامه
هتف القلب بالمنادين حولي لقي الصّداح الطّروب حمامه
فاذكروا شدوه بكلّ صباح و ارقبوا من خياله إلمامه
و املأو الأرض و السّماء هتافا عله لم ير الصّباح فنامه
لم يرعني من جانب النّيل إلاّ كرمة فةقها ترفّ غمامه
تحت ساجي ظلالها زهرة تبـ ـكي و في فرعها تنوح حمامه
عرفتها عيني و ما أنكرتها من ظلام و وحشة و جهامه
قلت يا كرمة ابن هاني سلاما ليس للمرء في الحياة سلامه
نحن لو تعلمين أشباح ليل عابر ينسخ الضّياء ظلامه
و الذي تلمحين من لهب الشّمـ ـس غدا يطفئ الزّمان ضرامه
و الذي تبصرينه من نجوم فلك يرصد القضاء نظامه
و المراد المدلّ الورد زهوا كالذي أذبل الردّى أكمامه
عبثا تنشد الحياة خلودا و نرجّي الصّبا و نبغي دوامه
إنّما الأرض قبرنا الواسع الرّحـ ـب و في جوفه تطيب الإقامه
أودع القلب في آلامه الكبـ ـرى و ألقى ببابه أحلامه
نسي النّاعمون فيه صباهم و سلا المغرم المشوق غرامه
فامسحي الدّمع و ابسمي للمنايا إنّ دنياك دمعة و ابتسامه !!
***
أيّها المسرح الحزين عزاء قد فقدت الغداة أقوى دعامه
ذهب الشّعر الذي كنت تستو حي و تستلهم الخلود كلامه
واهب الفنّ قلبه و قواه و المصاب فيه ودّه و هيامه
ربّ ليل بجانبيك شهدنا قصّة الدّهر روعة و فخامه
أسفر الشّعر عن روائعه فيها و ألقى عن الخفاء لثامه
فأعد عهده و أحي لياليـ ـه و جدّد على المدى أيّامه
و لك اليوم همّة في شباب ملأوا العصر قوّة و همامه
نزلوا ساحة يشيدون للمجـ ـد و شقّوا الحياة زحامه
فاذكروا نهضة البيان بأرض أطلعت في سمائه أعلامه
إنّها أمة تغار على الفنّ و ترعى عهوده و ذمامه
لم تزل مصر كعبة الشّعر في الشّر ق، و في كفّها لواء الزّعامه
إنّ يوما يفوتها السّبق فيه لهو يوم المعاد يوم القيامه !!

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads