الغرام الوحيد
لا تسألي عن سرِّ هذا الهوى | السرُ في عينيكِ لو تعرفينْ |
القلبُ قدْ يُخفي تَباريْحَهُ | والعينُ لا تُخفي لهيبَ الحنينْ |
ناري التي أشعلتِ لا تنطفي | وأدمعي حيرى كما تُبصرينْ |
قد كنتِ لي جُرحاً فضَمَّدتُه | وها أنا أُجْرَحُ في كلِّ حِينْ |
أخرجتني بعد اشتداد اللظى | من ظُلمةِ الشَّكِ لنورِ اليقينْ |
عيناك والدفءُ الذي فيهما | أدخلنني في زمرةِ العاشقينْ |
***
| |
قدْ كُنتِ مائي حين ثارَ الظما | وكنتِ عقلي حينَ ثارَ الجنونْ |
لله هذا الحُسنُ كمْ يرتوي | مِن معبدِ السَّحرِ ونبعِ الفنونْ |
لا يرتقي الشعرُ إلى وصفهِ | إلا على أجنحةٍ من ظنونْ |
ألمحُ في شَتى تعابِيرِه | دمعَ الضحايا وابتسامَ المنونْ |
وهكذا كل نساء الورى | تكون في حُسنكِ أو لا تكونْ |
أقسمُ بالحبِ الذي هزني | ما أَبْصَرَتْ مثلكِ هذي العيونْ |
***
| |
أنا الذي أبدعتُ هذا الهوى | من أنَّةِ النايِ وهمسِ الوترْ |
منْ رعشةِ العُصفورِ في عُشِّهِ | من لهفةِ الوردِ لماءِ المطرْ |
وصُغْتُ من أحلامنا قصةً | كتبتها فوقَ شُعاعِ القمرْ |
حروفها في "سدرة المنتهى " | سطرها بالنورِ كَفُّ القدرْ |
أدركَ أهلُ العشقِ أسرارها | وضلَ في سِرِّ الحروفِ البشرْ |
حتى إذا ما هفهفتْ كالصبا | عادتْ رماداً وبقايا سمرْ |
***
| |
يا للمقاديرِ التي ما انثنت | تدفعني نحوَ سرابِ الحتوفْ |
يخرج منها عندَ وقْعِ البِلى | أشباحُ بؤسٍ حولَ رأسي تطوفْ |
السعدُ فيها هيكلٌ خائرٌ | والحزنُ فيها كشفارِ السيوفْ |
جيشانِ في ظلِّ الهوى ،أشرعا | راياتهم فوق رؤوس الصفوفْ |
حتى إذا ما احتدما ثورةً | لم يبقَ إلا قرع هذي الدفوفْ |
فلم أزلْ أرسمُ من صوتها | يأسَ القوافي وبكاءَ الحروفْ |
***
| |
حَطمتُ من بَعدكِ قَيثارتِي | وعدتُ للشكوى التي لا تُفيدْ |
أُذلُ دمعي في بحار الهوى | وأُسْكِنُ الأحزانَ هذا النشيدْ |
كأنما الذكرى على أعيني | تأخذُ منْ أدمعها ما تريدْ |
لولاكِ ما كُنتُ فتىً عاشقاً | جفني قريحٌ وفؤادي شَهيدْ |
وكلُّ ما داويتُ نفسي به | أنيَ من هذا الأسى أستزيدْ |
فلتفعلي ما شئتِ أن تفعلي | فأنتِ في قلبي الغرامُ الوحيدْ |