وقالَ البَحْر
قَصَدتُ البَحْرَ كى أشكو
| |
وفى الأحشاءِ أحزانى
| |
فَمَدَّ ردائَهُ الرَّملىَ
| |
قال : اجلِسْ
| |
وحيَّانى
| |
وقال : اقصُصْ ..
| |
ولا تَخْجَلْ
| |
فقَدْ أَصْغَيْتُ آذانى
| |
فقُلْتُ له : تَباعَدْنا
| |
وطولُ البُعْدِ آذانى
| |
تَحَيَّرَ فى الهوى قلبى
| |
وبالآهاتِ واسانى
| |
فقَدْ كُنَّا .. وقَدْ كُنَّا
| |
وكانَ الحُبُّ عُنْوانى
| |
وكانَ الكونُ يَعْرِفُنا
| |
فَلَمْ يَكُ فى الهوى ثانِ
| |
إذا ما عَزَّ واحِدُنا
| |
تَنَادى باسمِهِ الثانى
| |
بدَمْعٍ مِنْكَ مَوْرِدُهُ
| |
له كالبَحْرِ شُطْآنِ
| |
بآهٍ توقِظُ الذِّكرى
| |
فيعلو صَوْت تَحْنانى
| |
لها بالقلبِ لوعتها
| |
وحُرْقتها بأجْفانى
| |
إذا ما الدَّمْعُ ناشَدَها
| |
وذاكَ الشَّوْقُ نادانى
| |
تَألَّمَ فى الدُّجى قلبى
| |
وأوْقَدَ فِىَّ نيرانى
| |
فقلتُ له انسَ يا قلبى
| |
وقَدْ ضاعَفْتُ أيْمانى
| |
على أنْ أنْسَ مَنْ يَنْسى
| |
وأَذْكُرُ كُنْهُ جافانى
| |
مِنَ المعقولِ أنْ تَنْسى ؟!
| |
ألَيْسَ القلبُ يَهْوانى ؟!
| |
جريحٌ أنتَ يا قلبى
| |
وقلبُ حبيبكَ الجانى
| |
ظَلَمْتُكَ حين رؤيتها
| |
وذاكَ الحُسْنُ أغْوانى
| |
فَكُف الحُزْنَ يا طَلَلِى
| |
فَكَمْ هَمٍ تَغَشَّانى
| |
وكَمْ غَيْمٍ عَلا قَلْبى
| |
ومَخْطوطٌ بِجُدْرانى
| |
وحينَ الهَمُّ أنحَلَنى
| |
وذاكَ الوَجْدُ أعيانى
| |
قصدتُكَ أنتَ تَنْصَحُنى
| |
فقَدْ فارقْتُ نُدماني
| |
فقال البحرُ : يا ولدى
| |
حماكَ اللهُ وحماني
| |
عجيبٌ أنتَ يا ولدى
| |
وأنتَ الهادمُ الباني
| |
أنا فى العشقِ مدرسةٌ
| |
وجُرْحُ العِشْقِ أَدْمَانى
| |
أنا أحببتُ قبلَ الحُبِّ
| |
مُذْ أن عِشْتُ أزمانى
| |
لَكَم جَرَّبتُ يا ولدى
| |
وكَمْ قَطَّعتُ شُرْيانى
| |
فَسَلْ حواءَ يا ولدى
| |
أهَلْ حواءُ تَنسانى ؟
| |
أنا مَنْ صِرْتُ أُغنيةً
| |
وصَوْتُ الحُبِّ نادانى
| |
ومَنْ سافَرْتُ مُغْتَرِباً
| |
وضَوْءُ البَدْرِ يَرْعانى
| |
عَشِقتُ البدرَ فى صِغَرى
| |
وحبى البدرَ أعيانى
| |
فكان البدرُ أُغنيتى
| |
وضوءُ البدرِ أوطانى
| |
إذا فى الفجر فارقنى
| |
نسيمُ الصبحِ أبكانى
| |
أُعانق صورةَ المحبوبِ
| |
كى تحويهِ شُطآنى
| |
فيعلو المَدُّ يحضُنُهُ
| |
ويأبَى الجَزْرُ نسيانى
| |
فكيف تكونُ يا ولدى
| |
إذا جَرَّبتَ نيرانى ؟!
| |
فليت الله يرحمنا
| |
فنار العشقِ نارانِ
| |
فنارٌ عندَ رؤيتها
| |
ونارٌ عند فقدانِ
| |
فكُن ما عِشْتَ ذا جَلَدٍ
| |
على محبوبكَ الجانى
| |
فسوف يعودُ ثانيةً
| |
ويستجديكَ ويعانى
| |
وبعدَ الفَجْرِ ودَّعنى
| |
وبالمحبوبِ أوصانى
| |
فعُدتُ لها كظمآنٍ
| |
وعادَتْ بينَ أحضانى
| |
وفاضَ العِشْقُ فى كَأسى
| |
كأنَّ البحرَ أظمانى
| |
وصارَ الحُبُّ أغنيتى
| |
وصار الحبُّ عنوانى ..
|