كيف الهروب
لم أستطع يا ساكناً وجداني | منك الهروبَ و قد ملكتَ كياني |
الأمس أنت ، و أنت بسمة حاضري | و غدي، و نبض الحبِّ في شرياني |
كيف الهروبُ ، و ما وجدت مرافئي | إلا بعينك حين ضنَّ زماني |
كيف الهروب و انت تسبحُ في دمي | و تعودُ مشتاقاً إلى شطآني |
و تعود مُتعبةً لياليكَ التي | مضَّيْتها دوني إلى أحضاني |
فتنام بين الحلمِ والصدرِالذي | أضرمتَ فيه النار كالبركانِ |
دعها فقد تلقى لياليّا التي | كحّلتها بالسهدِ و الأحزانِ |
فتذوب في دفءِ اللقاءِ مشاعرٌ | و تقرُّ بعد سهادها العينانِ |
يا من تروم بسيف هجرِك قتلنا | أوَ ما كفاكَ تنائياً ، و كفاني ؟ |
الناس من حولي تهيمُ سعادةً | و أكاد تفتكُ بي يدُ الحرمانِ |
و البحر يدعوني لأُلقي خلفَهُ | تلك الهمومَ الموجعاتِ جَناني |
هل لي بعيشٍ ، و الحياةُ جميعها | جدبٌ ، و حبكَ روضتي بستاني ؟ |
كالنهرِ حبُّك إذ يفيضُ عذوبةً | و كسلسلٍ ، ما إنْ ظمِئتُ رواني |
كقصيدةٍ لا لم يقلها شاعرٌ | قبلي ، و لا خطرت على الأذهانِ |
كالصبحِ أنتَ،وهل يضاهيكَ الضحى | في الحسنِ ،في اشراقكَ الربّاني |
كالبحر أنت و ليتني اجتازُهُ | لجزائرِ الفيروزِ و المرجانِ |
أنت القريبُ برغم بعدكَ و النوى | و الليل و القضبانِ و السجانِ |
فاطلب ، فإن رُمتَ الفؤادَ وهبتُهُ | إياكَ دون تردُّدٍ و توانِ |
لكنَّ بعدي عنكَ لست أطيقهُ | كلاّ و لا الهجرانُ في امكاني |