الأمسية الحزينة
جدّدت ذاهب أحلامي و ليلاتي | فهل لديك حديث عن صبابتي |
يا كعبة لخيالاتي و صومعة | رتّلت في ظلّها للحسن آياتي |
للحب أول أشعار هتفت بها | و للجمال بها أولى رسالاتي |
عليك وادي أحلامي و قفت أرى | طيف الحوادث تمضي بعد مأساة |
آوي إلى جنبات الصّخر منفردا | أبكي لأمسية مرّت و ليلات |
قد غيّرتنا اللّيالي بعدها سيرا | و خلّفتنا العوادي بعد أشتات |
تلفّت القلب في ليلاء باردة | يبكي لياليك الغرّ المضيئات |
و ذكريات من الماضي يطالعها | بين الحقول و شطآن البحيرات |
***
| |
يا طول ما نغمت للصّخر أنّاتي | وشدّ ما رجّعت للموج آهاتي |
يا قلب وادي الصّبا حالت مسارحه | و أقفرت من صباياه الجميلات |
فلا الجداول تحدوها مسلسلة | و لا الخمائل تهفو بالنّضيرات |
صوّحن من مشرق الوادي لمغربه | فما نهنّ مطيف من خيالات |
ما في حياتك من سلوى تلوذ بها | لكنّه الحبّ ذاك القاهر العاتي |
قد فا جأتك غواشيه التي سكنت | إن اللّيالي ملأى بالمفاجات |
***
| |
يا للبحيرة من يرتاد شاطئها | و من يسرّ إلى الوادي مناجاتي |
و من يعيد لنا أطياف ليلتها | و ما غنمنا عليها من أويقات |
و خلوة في حفافيها و قد عبثت | يد الصّبا بحواشيها الموشّاة |
يضمّنا باسق في الشّط منفرد | ضمّ الشّتيتين في علياء جنّات |
و للقلوب أحاديث يجاوبها | تناوح الطّير في ظلّ الخميلات |
***
| |
يا ليلة قد أذهلنا عن كواكبها | في زورق بين ضفّات و لجّات |
يسرس بنا موهنا و الرّيح تدفعه | كالنّجم يسبح في علويّ هالات |
و في الشّواطئ للمجداف أغنية | يصبّها الموج في سحريّ موجات |
ما كان أهنأها دنيا، و أهنأنا | في ليلها الصّحو، أو في فجرها الشّاتي |
مرّت خيالات ماضيها ، و ما تركت | سوى وجوم لياليها الحزينات |
و من تلهّف أحنائي و ثارتها | يا للجوانح من وجدي و ثاراتي |
يا صرخة القلب هل أسمعت مني صدى | من ذا يردّ الصدى في جوف موماة؟ |
جبي مفاوز أيّامي فقد صفرت | من نبع ماء و من أظلال واحات |
قضى على ظمأ قلبي بها و فمي | و ضلّت العين فيها إثر غاياتي |
حتّى العواصف صمّت عن نداءاتي | فما تردّ على الأيّام صيحاتي |
***
| |
يا من قتلت شبابي في يفاعته | و رحت تسخر من دمعي و اناتي |
حرمت أيّامي الأولى مفارحها | فما نعمت بأوطاري و لذّاتي |
فدع فؤادي محزونا يرفّ على | ماضي لياليّ و انعم أنت بالآتي |
دعني على صخرة الماضي لعلّ بها | من الصّبابة و التّحان منجاتي! |