الملك البطل
تألّق كالبرقة الخاطفة | و جلجل كالرّعدة القاصفه |
مبين من الحق صوته | صدى البطش و الرّحمة الهاتفه |
يخوض الغمار دما أو لظى | و يركب للمأرب العاصفه |
يطير على صهوات السّحاب | و يمشي عبى اللّجة الراجفه |
و يقتحم الموت في مأزق | ترى الأرض من حوله واجفه |
تمزّق في جانبيه الرّياح | و تنفطر السّحب الواكفه |
و تشتجر الرّجم الهاويات | و تعتنق الظّلم الزّاحفه |
عشيّة لا القلب طوع النّهى | و لا العقل تأسره العاطفه |
و لكنها و ثبات الجريء | على عثرا ت المنى الخائفه |
شعوب تعالج أصفادها | و تأبى الحياة به راسفه |
صحت بعد إغفاءة الحالمين | على لجّة الزّمن الجارفه |
و حسبك بالدّهر من منذر | كربّ يعاقب من خالفه |
رأيت السّفينة في بحره | تنازعها اللّجج القاذفه |
مددت يديك فأرسيتها | أمانا من الغمرة الحائفه |
و خلفك من يعرب أمّة | إلى النّور فازعة شاغفه |
نضت فيصلا من صقال السّيوف | يقبّل فيه الضّحى شارفه |
أعدت لها مجدها المجتبى | و بوّأتها الذروة الشائفه |
بناء من السّؤدد اليعربيّ | دعمت بتالده طارفة |
جلت فيه بغداد عهد الرّشيد | و أحيت لياليها السّالفه |
و ارسلتها بعد نسيانها | حديث النّباهة و العارفه |
فوا أسفا كيف روعتها | بفقدك في اللّيلة السّادفه |
صحت برن منك على نبأة | تسيل البروق بها عاصفه |
رمى الغرب بالشّرق إيماضها | فردّ الشّموس به كاسفه |
أناخ على سروات العراق | فقصّف أفنانها الوارفه |
طوى فجرها بسمات المنى | و أسكت أوتارها العازفه |
و مصطبحين هوت كأسهم | حطاما على الشّفة الرّاشفه |
أفاقوا على حلم رائع | كأنّ بهم فزعة الآزفه |
يردّون بالشّك صوت اليقين | و تصدقه الأعين الذّارفه |
و إنّي لأسمع ما يسمعون ! | صدى الويل في صخب العاصفه ! |
و كيف ؟ و قد كنت نجم الرّجاء | إذ قيل ليس لها كاشفه |
و ما عرفوا عنك نقص التّمام | و بيع الصّحيحة بالزّائفه |
تحفّك أبّهة المالكين | و نفسك عن زهوها صادفه |
سرت بالوداعة في بأسها | سرى النّسيم في اللّيلة الصّائفه |
و تحمل عنهم من العبء ما | تخرّ الجبال له خاسفه |
تهزأ من صرعات الرّدى | و تمسي على أمرهم عاكفه |
إلى أن طوتها و أودت بها | غوائل تطوي الدّجى خاطفه |
فراحت ترفّ على كفّها | رفيف النّدى في اليد القاطفه |
و ماهي إلاّ دموع الأسى | همت من جراحاتها النّازفه |
و ما نسيت دجلة أنّها | بشطّيه حائمة طائفه |
تياركهم من سماء الخلود | و تدعو لغازيهم هاتفه |