الرئيسية » » الأجنحة المحترقة | علي محمود طه

الأجنحة المحترقة | علي محمود طه

Written By Unknown on الخميس، 18 يوليو 2013 | يوليو 18, 2013

الأجنحة المحترقة

أدنا المزار و قرّت العينان و فرغتما من لهفة و حنان ؟
و هززتما بالشّوق كفّ مسلّم و هفّت إلى تقبيله الشّفتان؟
و حلا العناق على اللّقاء و أومأت لكما الدّيار ، فرفرف القلبان؟
و على الثّغور الباسمات بشائر وعلى الوجوه المشرقات أماني؟
و على سماء النّيل من سمة الضّحى وضح من ثغريكما وضحان؟
و على الضّفاف الضّاحكات مزاهر و على السّفين الرّاقصات أغاني؟
يوم تطلّعت المنى لصاحبه و تحدّثت عنه بكلّ لسان!
و سرى التّخيل في النفوس فهزّها مرح الطّروب و غبطة النّشوان
و الأفق مربدّ الأديم، و أنتما فوق الرّياح الهوج منطلقان
تتخايلان على السّحاب برفرف بلواء مصر مظلّل مزدان
تتطلّعان إلى السّديم كأنّما تتخيران لها أعزّ مكان
و تحدّثان النّجم عن أوصافها و النّجم مأخوذ بما تصفان
علّقتما بالنّاظرين خيالها شوقا و أجفان المنون رواني
هي خطرة، أو نظرة ، و درجتما في جوف عاصفة من النيران
طاش الزّمام فلا السّحاب مقرب لكما و لا الجبل الأشمّ مداني
و هوى الجناح فلا الرّياح خوافق فيه و لا الأرواح طوع عنان
سدّت طريقكما الحتوف و انتما تتحرّقان هوى إلى الأوطان
و مشى الرّدى بكما و تحت جناحه جسمان بل قلبان محترقان !!
يا ملهميّ الشّعر هذا موقف الشّعر فيه فوق كل بيان
لوددت لو أنّي عرضت بناته في المهرجان نواثر الرّيحان
و عقدت من شعري و من ريحانها إكليل غار أو نظيم جمان
أنا من يغنّي بالمصارع في العلى و يشيد بالآلام و الأحزان
ماذا وراء الدّمع من أمنية أو ما وراء النّوح من نشدان؟
أصبحت ذا القلب الحديد و إن أكن في النّاس ذاك الشّاعر الإنساني
و وهبت قلبي للخطار ، فللهوى شطر ، وللعلياء شطر ثاني
و عشقت موت الخالدين و عفت من عمري حقارة كلّ يوم فاني
لولا الضّحايا الباذلون دماءهم طوت الوجود غيابة النّسيان
هذا الّدم الغالي الذي أرخصتم هو في بناء المجد أول باني
تبنون للوطن الحياة و هكذا تبني الحياة مصارع الشّجعان
***
مثلتما في الموت وحدة أمّة ذاقت من التّفريق كلّ هوان
مسح الهلال دم الصّليب و ضمّدت جرح الأهلّة راحة الصّلبان
إن كان في ساح الرّدى لكليكما مثل ففي ساح الفدا مثلان !
عذرا فرنسا إن جزعت فإنّه قدر و مالك بالقضاء يدان
هزّتك بالرّوعات قبل مصابنا أمم ملكن أعنّة الطّيران
واسيت مصر فما هوى نجم لها إلاّ و منك عليه صدر حاني
حيّ سماء الفرقدين و قدّسي من تربك الغالي أعزّ مكان
فهناك دم روّى ثراك و ههنا قلبان تحت الصّخر يختلجان
يا أمّة الشّهداء أنت بثكلهم أدرى و بالأحزان و الأشجان
ألغار أحقر أن يكلّل هامهم و رؤوسهم أغلى من التّيجان
لغد صبرنا للزّمان و في غد نعفو و نغفر للزّمان الجاني
و نمد للأيّام كفّ مصافح يجزي المسيء إليه بالإحسان
و ندلّ فوق النّيرات بموكب فيه الحجى و البأس يلتقيان
و نهزّ أجنحة الحياة و نعتلي بخفافهنّ مناكب العقبان
و ننصّ راية مصر أنّى تشتهي مصر ، و يرضاه لها الهرمان
أقبل سلاح الجوّ ، إنّ عيوننا للقاك لم يغمض لها جفنان
أقبل سلاح الجوّ، إنّ قلوبنا كادت تطير إليك بالخفقان
رفرف على البلد الأمين و حيّه و انزل إلى الوادي و طر بأمان
كن للسّلام وقاءه، و لواءه و شعاعه الهادي على الأزمان
و إذا دعتك الحادثات فلبّها بحميّة المستقتل المتفاني
ليضنّ بالأعمار كلّ معاجز و ليخش حرب الدّهر كلّ جبان
ليثر على القضبان كلّ معذّب و ليحطم الأصفاد كلّ معاني
هذا الزّمان الحرّ مال شعوبه صبر على الأصفاد و القضبان
لكم الذد المرجوّ فتيان الحمى و اليوم يومكم العظيم الشّان
لا تثنيّنكم المنايا إنّها سرّ البقاء و سنّة العمران
كونوا من الفادين إن عز ّ الفدا كم في الفداء من الخلود معاني
و لئن حرمتم من متاع شبابكم إنّ النّعيم ينال بالحرمان
ليكن لكم في كلّ أفق طائر ليكن لكم قس كلّ أرض باني
و لينخسنّ البحر من أسطولكم علم كنجم المدلج الحيران
سيروا بهدي الأحمرين و مهّدوا بهما سبيل المجد و السّلطان
لم تبصر الأمم الحياة على سني كالنّار في شفق الدّماء القاني!
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads