على الصّخرة البيضاء
علي محمود طه
على الصّخرة البيضاء ظلّلني الدّجى | أسرّ إلى الوادي نجيّة شاعر |
سمعت هدير البحر حولي فهاج بي | خوالج قلب مزبد اللّج هادر |
وقفت أشيع الفكر فيها كأنّما | إلى الشّاطئ المجهول يسبح خاطري |
و قد نشر الغرب الحزين ظلاله | على ثبج الأمواج شعث الغدائر |
من خلفها تبدو النّخيل كأنّها | خيالات جنّ أو ظلال مساحر |
ألا ما لهذا البحر غضبان مثلما | تنفس فيه الرّيح عن صدر ثائر |
لقد غمر الأكواخ فوق صخوره | ولجّ بها في موجه المتزائر |
و أنحى عن قطّانها غير مشفق | بهم أو مجيل فيهمو عين باصر |
و مالي كأنّي أبصر اللّيل فوقه | يرفّ كطيف في السّماوات حائر |
ألا أين صيّادوه فوق ضفافه | يهيمون في خلجانه و الجزائر |
و بحّارة الوادي تلفّع بالدّجى | و تنشد ألحان الرّبيع المباكر |
لقد غرقوا في إثر أكواخهم به | و ما لمسوا من حكمه عفو قادر |
و سجّاهم باليمّ زاخر موجه | و أنزلهم منه فسيح المقابر |
أصخ أيّها الوادي ! أما منك صرخة | يدوّي صداها في عميق السّرائر !؟ |
أتعلم سرّ اللّيل ؟ أم أنت جاهل ؟ | بلى إنّه يا بحر ليل المقادر !! |