دنت الديار ودانت الأوطار
دنت الديار ودانت الأوطار | هذا المنار وهذه الأنوار |
هذا المنار يلوح نجم هداية | للناظرين تؤمّه الأنظار |
والثغر وضاح المباسم باسم | للبشر في قسماته آثار |
فرح ببشرنا ببشر سروره | ان الخديو له به استقرار |
فاليوم نلثم من بنان يمينه | سحباء وارد فضهن غزار |
من كف فياض اليدين يمينه | يمن ويسراه ندى ويسار |
ونشنف الأسماع من ألفاظه | دراغدت أصدافه الأفكار |
ونرى منار الحق فوق جبينه | كالشمس ليس وراءها أستار |
نور تلألأ في جبين موفق | للحق في توفيقه أسرار |
مولاي قد سرنا بأمرك نبتغي | لرضاك ما تسمو به الأقدار |
نصل المغارب بالمشارق والسرى | بالسير لا ملل ولا إقصار |
ونَلُفَّ أذيال الأباطح بالرُّبى | تنتابنا الأنجاد والاغوار |
لا البحر ذو الأمواج نخشى بأسه | يوماً وليس البر فيه نُضار |
البحر بر في رضاك بمن به | والبر من جدوى نداك بحار |
ومدى النهار صباح خير كله | بسعود جدّك والدجى أسحار |
نطوي البلاد بطيب ذكرك نشره | عبق ونفحة ريحه معطار |
ونؤرّج الأرجاء باسمك مدحة | طابت بها الأسحار والاسمار |
يهتز حاضرها بحسن سماعها | طرباً ويخبر غائباً حضار |
ويروح سامعها يميل بعطفه | ثملا كأن دارت عليه عُقار |
نغشى بها صدر النَديّ ندية | يحلو بها الإيراد والاصدار |
نتلو مديحك معلنين بنشره | جهر أفلا كتم ولا إسرار |
لا يعتري فحواه وصمة ريبة | تخشى ولا ردّ ولا استنكار |
ثم امتطينا للسويد ركائباً | لا الركض يجهدها ولا التسيار |
تسعى على عجل إلى غاياتها | كالماء ساعر جريه تيار |
سرع الخطا لا السوط حل بجلدها | يوماً ولا شدّت بها أكوار |
نذر الرياح اذا جرين وراءها | حسرى طلائح جريهن عثار |
سرنا بهن على العشيّ فأصبحت | في استكهلم وقد بدا الاسفار |
ولقيت صاحب تاجها في قصره | والوفد ثم بصحبتي نظار |
فدنا وصافح باليمين مردّدا | شكر الخديو يزينه التكرار |
فشرعت مقتصد أجاوبه بما | أرضاه لأقلُّ ولا إكثار |
ونحوت مؤتمر العلوم أؤمه | بالوفد تهوى نحونا الأبصار |
حتى إذا احتفل النديّ وأقبل ال | عظماء والعلماء والأحبار |
وتلا به أسكار رب سريره | قولا به لذوي النهى إسكار |
وأجابه الخطباء كل محسن | يزرى بنظم الدرّ منه نثار |
ودعيت باسمي للمقال موفياً | حق الوفادة والوفاء شعار |
أقبلت أبتدر القريض يزينه | مولاي باسمك بهجة ووقار |
حتى استتمّ الشعر فاصطفقت له الأيدي | وذاك بمدحه إشعار |
وتشعبت شعب الفصول مقررا | في كل فصل للفنون قرار |
فنحوت بالوفد الذين بصحبتي | خير الفصول وصحبتي أخيار |
ما فيهم وهل الفؤاد يهوله | حفل ولا واهي القوى خوّار |
كل أعد من المعارض ما اصطفى | للعرض ثمة جملة تختار |
وأجاد فيما قد أفاد بمنطق | طوع المراد أمدّه استحضار |
في لهجة العرب الفصيحة لفظهم | حرّ وهم في نفسهم أحرار |
لا في مقالة قائلينا وقفة | عرضت ولا لمقولنا انكار |
كالقطر جاد به غمام مبرق | داني الهيادب عارض مدرار |
نبدي الذي نبدي وكل مطرق | سمعاً ومنطق ذي المقال جهار |
حتى نتم كما نشاء القول في | أمد أعدّ لوقته مقدار |
فيقول صاحبهم أما من باحث | فيما يقول وقوله استفسار |
وتصفق الحضار لاستحسان ما | قلنا ويظهر فيهم استبشار |
ها هم رجالك أيها المولى ولا | من عليك ونعم من تختار |
لا أبتغي مدحاً لنفسي أنني | بعلاك أفخر لاعداك فخار |
هذي محاسن بمن طالعك الذي | بسعوده قد ساعد المقدار |
ثم انثنينا راجعين يسوقنا | لحماك أشواق لهنّ أوار |
نأوى لخير حمى بعدلك كله | أمن وما للجور فيه جوار |
فاسلم لمصر وأهلها ليرى بها | لنماء غرس يمينك استثماى |
واسلم لأنجال وآل كلهم | خير وآل الخيرين خيار |
واليكها مولاي صنعة ليلة | لحق العشاء بوشيها الاسحار |
حتى كساها الصبح رونق وجهه | حسناً وألبسها الضياء نهار |