فصولٌ من كتاب الموت
كُلُّ مساءٍ
| |
حينَ الغُرفةُ تخلو من صيحاتِ النورِ
| |
وأغرقُ في ظُلمَتِها كي أتمَدَّد
| |
يغمُرُ قلبي حُزنٌ أسود
| |
يُقبِلُ من غاباتِ الذِكرى
| |
ينفذُ من شباكي الموصَد
| |
لا يستوحِش بردَ الغُرفةِ والإظلام
| |
حتَّى حين أُراوِغُهُ عَبَثاً لأنام
| |
تُبَدَّدُ كُلُّ رُؤَايَ ولكن ..
| |
لا يتَبَدَّد !
| |
يجثمُ في زاويةِ الغُرفةِ
| |
يَتَنَقَّلُ بينَ الجِدران
| |
يُحَدِّقُ في عينَيَّ الخائفتينِ بوجهٍ مُربِد !
| |
ينثُرُ من ذاكِرةِ الويلِِ رؤىً تتصارعُ في ظُلمَتِها
| |
حتى تنزفَ
| |
تقطرُ سَمَّاً
| |
في طيَّات القلبِ المُجهَد !
| |
--------------------------------
| |
هذا فَجرُ العُمر
| |
وتِلكَ طفولتهُ الخضراء
| |
وقَلبٌ تُفعِمهُ الأحلامُ
| |
يُحَلِّقُ بجناحيها نحوَ غدٍ يملؤهُ العَدلُ
| |
يمدُّ الظِلَّ على الفُقراء
| |
يمدُّ جذورَ الفَرْحَ بعُمقِ قلوب المحرومين ..
| |
إلى أن تَسْعَد
| |
مَرَّ العُمرُ
| |
ومَرَّت عَرَبَاتُ العُمْر السوداء على جسرِ الأعوام
| |
التفتَ القلبُ إلى الفُقَرَاء
| |
رآهُم مأسورينَ بظُلمةِ ليلهِم المُتَمَدِّد
| |
نزفَ القلبُ
| |
تهاوى حُلمُ العَدل أمامَ القَدر المُربِد
| |
وترامى الحُلمَ دُخاناً
| |
ثُمَّ تَبّدَّد !
| |
-----------------------------
| |
هذا طيفُ الحُب يُحَلِّقُ بِفضاء الأيام
| |
يُفاجيءُ قَلبَاً من شُرًفاتِ الغيب
| |
يطوفُ بهِ مُدُنَ الأحلامِ
| |
يُحَلِّقُ لسمواتِ النور ويصعد
| |
كانَت تَمنحُ خوفَ القلب سلامَ العالم
| |
كانت فصلَ ربيعٍ زاهٍ
| |
في صحراء العُمرِ الأجردْ
| |
راحَتْ تَقطَعُ قَفْرَ مفازاتِ الأيام بدربِ الحُلم
| |
ولا تتلفَّتُ أو تَرتَد
| |
مَضَت عرباتُ العُمر السوداء على جِسرِ الأعوام
| |
خَبَت نيران فؤادٍ كان تَوَقَّد !
| |
عرِفَ الصوتُ الواثِقُ أن يَتَرَدَّد
| |
حين يُخيَّرُ بين نِداء الرُّوحِ وبين نِداء العسجد !
| |
غابت في تيهِ الأيَّامِ
| |
هَوَت صُورَتُها من ذاكِرة القلب
| |
تَهَاوَى حُلمَ الدِّفء أمامَ رياح الزَّمن الأَسوَد
| |
وترامى الحُلمُ دُخاناً ..
| |
ثُمَّ تَبّدَّد !
| |
-------------------------------
| |
هذا حُلمٌ آخر لا أتبَيَّن وَجهَه
| |
يأتي من ظُلُماتٍ أُخرى
| |
يترَنَّحُ في تيهِ العتمةِ والإظلام
| |
أُحَدِّقُ ..
| |
هل هو حُلمُ الحَق ؟
| |
أحدق ..
| |
حُلمُ العِتق .. خَلاص الرُّوح
| |
أُحَدِّقُ ..
| |
حُلمُ تحقُّق ما أمَّلهُ القلب من الأيَّام ؟
| |
( تَوَحَّدت الأَحلامُ العائدة من العُمرِ الضال وإن تتعَدَّد ! )
| |
أنظُرُ نحوَ الحائط فَزِعَا
| |
يُنكِرُني الحُلمُ وقد جَزِعَا
| |
يُنكِرُ هذا الظَِلَّ المُقعَد !
| |
يتلاشى في ليلِ الغُرفةِ
| |
ينحَلُّ كَهَبَّاتِ دُخانٍ .. لا تتَجَسَّد
| |
يتَّجِهُ لنافِذتي شَبَحاً ..
| |
ثُمَّ يُبَدَّد !
| |
-------------------------------
| |
كُلُّ مساءٍ
| |
حينَ العالمُ يُولَدُ في أضواءِ الليلِ
| |
ويدخلُ قلبي
| |
يوئَد !
| |
لا يُنقِذني منهُ سوى أن تَهدُرَ دوامَاتُ النَّومِ ..
| |
فأرحلُ فيهْ
| |
كُلُّ مساءٍ تنهضُ سودُ الذِّكرى من مَرقَدِها
| |
تأخُذُ قلبي حيثُ التيهْ
| |
تُسكِنُ فيهِ النَّبضَ إلى أن يَهمَد !
| |
يُطفَأُ صَخَبُ العالم في عَينَيَّ
| |
وتنسَحِبُ الأنوارُ وتبعُد !
| |
يتَّشِحُ القلبُ بخرسِ الموت
| |
فيهوي العمرُ دُخاناً
| |
ثم يُبَدَّد !
|