الببغاء
لي بَبَّغَاءٌ يعشقُ التقليدا | وَيُرَدِّدُ الأصواتَ لي ترديدا |
إن قُلتُ أهلاً ، قال أهلاً مثلها | وإلى اللقاءِ يُعيدها تجويدا |
وإذا أشرتُ مُهدداً بأصابعي | مدَّ الجناحَ و أرسلَ التهديدا |
فإذا رآني عابساً مُتَجَهِّمَاً | يحنو عليَّ فيطلقُ التغريدا |
يسعى لكي يستلَّ حزني مُلقياً | إياه عنِّي في الفضاءِ بعيدا |
هو ببغاءٌ مخلصٌ ومثابرٌ | لم يَشْكُ في يومٍ إليّ قيودا |
يا طالما أطعمتُهُ فضلاتنا | عدساً وخبزاً يابساً وثريدا |
فيقول حمداً للذي خلق الورى | يستأهل الشكرانَ والتمجيدا |
لم يعترضْ يوماً ولم يُظهرْ أسىً | شجباً ..كمثلِ العُرْبِ ..أو تنديدا |
لكنني كم كنتُ فظّاً نَحْوَهُ | فلطالما قيدتُهُ تقييدا |
و منعتهُ ألا يرى غيري أنا | و تركتُهُ دونَ الرِّفاقِ وحيدا |
لا خُلَّةٌ يشكو إليها هَمَّهُ | فَتُخَفِّفُ الأعباءَ و التنكيدا |
لا صاحبٌ يُفضي إليهِ بِسِرِّهِ | أهٍ أراني زدتهُ تعقيدا |
لو كنتُ في حالٍ يُحاكي حالََهُ | ما كنتُ أرضى ذِلَّةً وحديدا |
ولكنتُ حطَّمتُ القيودَ جميعها | لأكونَ حراً في الوجودِ سعيدا |
طوراً على الغصنِ الظليلِ ، وتارةً | فوق الجبالِ أبُثُّها التغريدا |
أقتاتُ مما أنتقي بإرادتي | أو أرتدي مما صنعتُ جديدا |
و أشاطرُ الورقاءَ في أفراحِها | واقاسمُ الطفلَ البرئَ العيدا |
***
| |
ما خابَ في الببْغاء حدْسي ، حينما | عُدتُ المساءَ فلم يكن موجودا |
فتشتُ عن آثارِهِ في منزلي | وسألتُ صمتَ الليلِ و التسهيدا |
لكنه قد كان فكَّ إسارَهُ | ثم ارتقى صوب النجومِ بعيدا |
ناديتُهُ ، ناجيتُهُُ ، لم يستجبْ | ناشدتُهُ أن ينثني ويعودا |
لكنَّهُُ أخذ القرارَ بجرأةٍ | زادتْهُ قدْراً .. داخلي .. محمودا |
فحزنتُ .. رغم سعادتي .. حُزنَ الذي | فقدَ الشبابَ و ضيَّع المولودا |