الرئيسية » » قلبي | علي محمود طه

قلبي | علي محمود طه

Written By Unknown on الأربعاء، 17 يوليو 2013 | يوليو 17, 2013

قلبي

كالنّجم في خفق و في ومض متفرّدا بعوالم السّدم
حيران يتبع حيرة الأرض و مصارع الأيّام و الأمم
***
مستوحشا في الأفق منفردا و كأنّه في سامر الشّهب
هذا الزحام حياله احتشدا هو عنه ناء جدّ مغترب
***
مترنّحا كالعاشق الثَمل ريّان من بهج ومن حزن
نشوان من ألم من أمل مستهزئا بالكون و الزّمن
***
تلك السّماء على جوانبه بحر الحياة الفائر الزّبد
كم راح يلتمس القرار به هيمان بين شواظئ الأبد
***
تهفو على الأمواج صورته و شعاعه اللّماح في الغور
نفذت إلى الأعماق نظرته فإذا الحياة جليّة السّرّ
***
و يمرّ بالأحداث مبتسما كالشّمس حين يلفّها الغيم
زادته علما بالذي علما دنيا تناهى عندها الوهم
***
بلغ الرّوائع من حقائقها فإنّ السّعادة توأم الجهل
هتف المحدّق في مشارقها ذهب النهار فريسة اللّيل
***
يا قلب : مثل النّجم في قلق و النّاس حولك لا يحسّونا
لولا اختلاف النّور و الغسق مرّوا بأفقك لا يطلّونا
***
فاصفح إذا غمطوك إدراكا و اذكر قصور الآدميينا
أتريدهم يا قلب أملاكا كلاّ...و ما هم بالنبيينا
هم عالم في غيّه يمضي مستغرقا في الحمأة الدّنيا
نزلوا قرارة هذه الأرض و حللت أنت القمّة العليا
***
عبّاد أوهام و ما عبدوا إلاّ حقير منى و غايات
و مناك ليس يحدّها الأبد دنيا وراء اللا نهايات
***
و لك الحياة دنى و أكوان عزّت معارجها على الرّاقي
تحيا بها و تبيد أزمان و شبابها المتجدّد الباقي
***
يا قلب : كم من رائع الحلك ألقاك في بحر من الرّعب
كم عذت منه بقبّة الفلك و صرخت وحدك فيه يا فلبي !
***
و مضيت تضرب في غياهبه ترد عنك المائج الصّخبا
تترقّب البرق المطيف به و تسائل الأنواء و السّحبا
***
و خفقت تحت دجاه من وجل كالطير تحت الخنجر الصّلت
و عرفت بين اليأس و الأمل صحو الحياة ، و سكرت الموت
***
يا قلب : عندك ايّ أسرار ما زلن في نشر و في طيّ
يا ثورة مشبوبة النّار أقلقت جسم الكائن الحيّ
***
حمّلته العبء الذي فرقت منه الجبال و أشفقت رهبا
و أثرت منه الرّوح فانطلقت تحسو الحميم و تأكل اللّهبا
***
و ملأت سفر المجد من عجب و خلقت أبطالا من العدم
و على حديثك في فم الحقب سمة الخلود و نفحة القدم
***
كم من عجائب فيك للبشر أخذتهمو منها الفجاءات
متنبّئا بالغيب و القدر و عجيبة تلك النّبوءات
***
و عجبت منك و من إبائك في أسر الجمال و ربقة الحبّ
و تلفّت المتكبّر الصّلف عن ذلّة المقهور في الحرب
***
يا حرّ كيف قبلت شرعته و قنعت منه بزاد مأسور
آثرت في الأغلال طلعته و أبيت منه فكاك مهجور
***
فإذا جفاك الهاجر النّاسي و قسا عليك المشفق الحدب
فاضت بدمعك فورة الكاس و هتفت بكفّك و هي تضطرب
***
و فزعت للأحلام و الذّكر تبكي و تنشد رجعة الأمس
ووددت لو حكّمت في القدر لتعيد سيرتها من الرّمس
***
و وهمت نارا ذات إيماض فبسطت كفّك نحوها فزعا
مرّت بعينيك لمحة الماضي فوثبت تمسك بارقا لمعا
***
و صحوت من وهم و من خبل فإذا جراحك كلّهن دم
لجّت عليك مرارة الفشل و مشى يحزّ وتينك الألم
***
و الأرض ضاق فضاؤها الرّحب و خلت فلا أهل و لا سكن
حال الهوى و تفرّق الصّحب و بقيت وحدك أنت و الزّمن !
***
و صرخت حين أجنّك اللّيل متمردا تجتاحك النّار
و بدا صراعك أنت و العقل و لأنتما بحر و إعصار
***
ما بين سلمكما و حربكما كون يبين ، و يختفي كون
و بنيتما الدّنيا و حسبكما دنيا يقيم بناؤها الفنّ
***


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads