الغريب
( الغريب )
| |
- " هذا هو اسمُكَ يا غريبُ فما اتجاهُكَ ؟ "
| |
ألقت الريحُ السؤالَ وغادرت نحو الغيابِ
| |
ولم يعُد خلفَ المدى إلا المدى
| |
تعب الحقائب شدَّني
| |
لأريحَ عن كتفي حمولتها على الجسرِ القريب
| |
وضعتُ آلامي عليهِ ووحشتي
| |
وأرحتُ نفسي من سؤالِ العابرين ومن متاهاتِ الخرائِطِ
| |
تاركاً وجهي لماءِ النهر يركضُ
| |
حيثما يبغي الخريرُ أو الصدى
| |
هذا هو اسمي .. رُبَّما !
| |
لكنني أتأملُّ الأشياءَ والأسماءَ
| |
تسرقُ وحشتي مني الهويَّةَ
| |
حين تأخذني وجوهُ العابرينَ إلى شتاءات المنافي
| |
شارداً ومُشرَّدا !
| |
- " لا وقتَ للحُزنِ المُضيَّع يا غريبْ ! "
| |
رمت ليَ الصفصافةُ الكلمات حتى أستعيد الوقتَ من تيهِ الشرود
| |
وأستعيدَ من ارتياح الحُلم وجهي المُجهَدا !
| |
" ما وجهتي ؟ "
| |
مرَّت بيَ الشقراءُ باسمةً مُرنِّحةً جهاتيَ كُلَّها
| |
ومضت كزوبعةِ الحريرِ فحاصرَت جسدي انتحاباتُ الندى !
| |
هذي دروبٌ للغيابِ
| |
وتلكَ أحلامٌ تُبعثِرُها امتداداتُ القطارات المضيئة للشمال
| |
فيترُكُ في مقاعِدها المسافرُ قلبَهُ مستشهِدا !
| |
لملمتُ حزنَ حقائبي
| |
ومضيتُ فوقَ الجسرِ قلبي وردةٌ في الريحِ
| |
والماضونَ حوليَ ينبشونَ ملامحي بزجاجِ أعينهم
| |
لأعبُرَ في شِباكِ السائرينَ مُراوِداً ومُرَاوَدا
| |
ما الوقتُ حينَ تُلملِمُ الغاياتُ وجهتها ؟
| |
وما الغاياتُ إن شحبت وجوه الأهلِ في الذكرى
| |
فصارت في مدى النسيانِ منديلاً يُلوِّحُ للغياب
| |
ونغمةٌ تبكي إذا ارتعش الكمان
| |
وموعداً في المستحيلِ بغى الغدا ؟
| |
دربٌ .. ولا دربٌ هنالكَ للغريبِ يشدُّهُ
| |
ومدينةٌ ماجت على أسوارِها الأحزانُ من عهدٍ أثينيٍّ
| |
تطاردُ في أساه تشرُّدا
| |
والكائناتُ جميعها أسرابُ أطيافٍ تلفُّ طريقَهُ
| |
والوقتُ أجراسٌ تُحلِّقُ في المدى
| |
وتُبدَّدا
| |
باريس . 25 /6 / 2006
|