الرئيسية » » ابتعدى أيتها الطفولة حتى أقترب أمجد ريان

ابتعدى أيتها الطفولة حتى أقترب أمجد ريان

Written By غير معرف on السبت، 27 أبريل 2013 | أبريل 27, 2013


ابتعدى أيتها الطفولة حتى أقترب



أمجد ريان




مرتكناً إلى الحائط
فى أحدِ الأركان
كنت أقضمُ
من ساندويتشِ الجُبن
و"رتيبةُ" تحضرُ ساندوتشَ البسطرمة
لكن فى فناءِ المدرسة
أخرجتُ شطيرةَ المُربى
وراهنتُ على أحد وجهىِ العملةِ : الرسم
ولكن سقطت الكتابة .

فى الحصةِ الرابعةِ وزعوا المخبوزات
فبدأتُ ألتهمُ الفَصْلَ
وفى يدى
الحروفُ تصنعُ الأشياء :
كانت نبيلةُ رئيسةَ البنات
وأنا أشترى النبقَ
بنهمٍ ، مثلُ كلِّ طفلٍ أوصتْه أمه .

لا أعرفُ
مالذى أريدُ أن أصلَ به إلى منتهاه ؟
وأنا لستُ رئيسَ الأولاد
كنت أمثِّلُ دَوْرَ "جواد حسنى"
فيغمرُنى التيهُ أمام الجمهور
وهكذا كنا فى الطفولة
قادرين على الغَرَق .

أعطتْنى الأبلةُ "حكمت"
عُلبةَ الألوانِ الشمعيّةَ
 فوضعت يدى
على كتف صديقى "بلبل"
وأعطيتُه عُلبةَ ألوانِ الطّباشير
ولكنها ظلّت تنسالُ
ونحن نمشى هكذا
حنى اشتريْنا الصلصال
وظللنا نجرى بامتدادِ الشارع .

من تلقاءِ نفسِها :
شوارعُ طويلةٌ كانت تأتينى   
وأنا أشكِّلُ الحيواناتِ والطيور
ثم أتجهُ إلى محطةِ الباص
فأستقلُّ حافلةً
تأخذُنى حتى وجهِ "رُشدان"
وعلى الناصيةِ الثانية
كان كُشْكُ الموسيقى يعزِف .

عندما كلَّمَتْنى بضعة َكلمات :
اتجهتُ ناحيةَ الميدان
حيثُ مدرسةُ "منشية البكرى"
على مدِّ البصر ،
وهى ظلّت معى
حتى وصلنا إلى بابِ بيتِها
وأنا أدقِّقُ النظر .


ظللتُ أمامَ بابِ بيتِها
بقيةَ الحياة .


كان بيتُ صديقى السورى :
مالك
بعد ساندوتشات الكباب
بناصيتين
بينما تظلُّ البشرية
تدورُ حول أشياءٍ ما .

وعندما ذهبتُ إلى بيتِ "هانى"
كنت أضعُ حقيبتى
على ظهرى
بعد أن اشتريت زُجاجةَ "السينالكو"
بقرشٍ ونصف
وكانت الفيلا  كبيرة
وكنت أتذوقُها لأوَّلِ مرة .

داخلَ الغبارِ الخفيف
كانت الطفولةُ رحبةً
فيها حجراتٌ كثيرة
والمبانى أمامى
تخرجُ من سينما "الفالوجا"
وشقتُنا ذاتُ الثلاثِ حجرات
محاطةٌ بالأسوار
ذاتِ القضبان الحديديَّةِ
ومن خلفِها
غاباتُ الأزهارِ المزدهرةِ .

بين أصابعى لايزالُ "قرشُ التعريفة"
من أمامى سينما الفالوجا
ومن خلفى :
عقابُ الناظرةِ
للتأخير الصباحى .

أخذنى أبى وأمى
ومدرِّسة الموسيقى
أخذونى بأيديهم جميعاً
لنتفرجَ على "حسن ونعيمة"
وفى الطريق
رأيتُ الفتياتِ المتحرراتِ
بالأحزمةِ وبالشرائط
وبالدراجاتِ البناتيةِ
ورأيت صديقى الفلسطينى "تيسير"
يلبسُ البابيون
ويحيينى بكفِّهِ الصغيرةِ
وبالغمازتين فى خَدِّهِ .


جعلتنى مدرِّسةُ الموسيقى
أعزفُ السَّلامَ الجمهورى
على عجلٍ
وأبى خلف الخشبةِ
يفتحُ حافظتَهُ
ويمُدُّ يدَه
ليعطيَنى قرشاً ونصفَ القرش
وأنا منغمسٌ فى الحُلم
على "الإكسليفون" .


كلٌّ إلى حالِ سبيله
رغمَ الطفولةِ المشتركةِ
ورغمَ الجمهورِ الذى
لايزالُ يصفِّق
بعد أن أشتريتُ حلاوةَ العسل
ثم أرتميتُ على أقربِ مقعدٍ
شاعراً  بالوَهَن
وبالدموعِ فى الجفنين .
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads