يا حسن واحسرتا على غرر
إبراهيم عبد القادر المازني
يا حسن واحسرتا على غرر | جودتها فيك بل على سور |
أبليت فيك البا وجدته | والعمر عهد الشباب والصغر |
يا ناطق الحسن من لعاشقه | بمنطق كالجمال مختصر |
يا ضاحك الثغر من لعابسه | بمثل سح الغمائم الهمر |
ياناعم البال إن كاسفه | موصول خيط الرجاء بالذكر |
يا ساكن النفس إن ثائرها | مضناك قد صار ميت الخبر |
أقعده الهم عن مراغبه | كالنسر هاضته رعشة الكبر |
أنفاسه زفرةٌ مقطعة | كأنما قد أصيب بالبهر |
يظل في فحمة الدجى أبدا | يرسل حيران رائد الفكر |
كيف سعت بي إليكم قدمي | لو نال ردّاً مسائل القدر |
ترى تريه الأحلام عاشقه | مزدهف اللب بين الصور |
يا ليتني في الكرى أخوض له الغيب | وأطوي مسافة الهجر |
يطلع طيفي كالفجر منفلتا | من الدجى في غلائل السحر |
أقول قد جاءك المعذب في اليقظة | والنوم وفي كل مدة العمر |
يا زهرة الحسن ما لنفحتها | تخطئنا دون شائك الأبر |
أليس للوجد والأسى أمدٌ | فكل شيءٍ أراه ذا عمر |
يا ثاني العطف بعض زهوك إن | العيش وردٌ مرنق الصدر |
أهون بشيء يلفه كفن | وينطوي في التراب والمدر |
أدمية أنت لا حياة بها | لضل باغي الحياة في الصور |
لا عجبٌ أن تكون ذا عنف | يا لين الحسن يا أخا الحور |
النفس مثل الحياة معترك | تسطو بها أنعمٌ على أخر |
يا سنةً غالها الزمان وما | غالت سوانا حوائل العصر |
ليت زماناً مضى تودعنا | همومه العائدات بالذكر |
أو ليت ينسى الفتى حوادثه | جمعاء حادي الروحات والبكر |
يستدبر الحول غير ذاكره | مستقبلاً غيره بلا حذر |
حتى كأن لم يكن ولا طرق الد | هر ذراه بالصفو والكدر |
خلى غبار الأسى لنا ومضى | عامٌ بغير الأهوال لم يدر |
مهنئ بالجديد من زمني | خلفني العام غير ذي وطر |
خلفني متعباً أثن من البر | ح ولا أستقر من ضجري |
مغروق العين غير فائضها | ما أوجع الدمع غير منهمر |
منتفضاً لا أزال ألتمس الشمس | وهيهات لا سوى القرر |
حصاد عيش الهشيم وا أسفي | على الرطب الرفيف من شجري |
ذاك فهل لي في مقبلٍ عوضٌ | من مدبرٍ بالأذاة منحسر |
ينشر لي لذتي كما ينشر الصيف | بعيد الشتاء والمطر |
فتمرح النفس في رياض هوىً | حوافل بالثمار والزهر |
وتسعد القلب زهرةٌ أنفٌ | أغنى الصبا حسنها عن الدرر |
هات اسقني يا نديم واظمأي | حتى تراني نسيت مد كرى |
إن أغاني الأسى وإن حسنت | أرضيةٌ يا نديم فاقتصر |
أرجعننا صبيةً مواجدنا | منطقنا صرخةٌ من الخور |
نلتمس النور كل ملتمس | هيهات والحظ جد معتكر |
هل كان ما مر من لذائذنا | كما زعمناه طيب مختبر |
ينبوع صفو النهار مزدحمٌ | رقراقه بالظلام كالجزر |
لكنما الوهم صيقلٌ صنعٌ | يحيل لمع الزجا كالدرر |
والمرء أعلى بما مضى نظرا | لبعده أو لحاظر الغير |
لكن صدر الفتى يجيش فما | يعد كالشعر غير معتسر |
كما احتبى بالهشيم ذو عدم | لم يلف إلاه في الدجى الخصر |
ذهني محراب حسنكم وبه | صورتكم دون سائر البشر |
وخاطري لأيني يرتل كالرا | هب آيات حسنك العطر |
لأبنين مذبحاً وجعل قر | باني فؤادي وما انقضى وطري |
إذا خبت ناره وقصت لها | عود المنى فهو غير ذي ثمر |
فاقبل فؤادي لحسن وجهك قر | بانا فقد كان خير مدخري |