الناس صنفان
صِنفان في الدنيا عرفتُ و لم أزلْ | بالنَّاسِ ذاكَ العالمَ المأمولا |
صِنْفٌ لهُ خُلُقٌ رفيعٌ في الورى | و تراهُ عند الحادثات أصيلا |
لو جِئتَ تقصدهُ فَدَاكَ بروحِهِ | إنْ لمْ يجدْ غيرَ الدماءِ بديلا |
يَهَبُ الحياة رخيصةً لصديقِهِ | و يَظُنُّ ما أعطاهُ كان قليلا |
هو في المُلمَّاتِ الجسيمةِ صخرةٌ | و أراه إنْ جنَّ الدجى قنديلا |
لا غروَ إن صاحبتَهُ، فتخذتَهُ | مَثَلاً و في الدربِ العسيرِ خليلا |
إن الحياةَ مع الصديقِ جميلةٌ | و ألذُّ إنْ كان الصديقُ جميلا |
و عَرَفْتُ صِنفاً مثل أقدم "جزمةٍ" | كنتُ اقتنيْتُ ، منافقاً و بخيلا |
لو رُحتَ تطلبهُ تهرَّبَ و اختفى | و فِدا دَرَاهِمِهِ يموتُ قتيلا |
لا عزةٌ في مِثلِهِ ، لا نخوةٌ | تَخِذَ الخداعَ إلى الوصولِ سبيلا |
حتى الكرامةَ باعها ثم اشترى | ذُلاً ليحيا في الأنام ذليلا |
احفظْ لوجهكَ ماءَهُ إنْ تَلْقَهُ | و ابعدْ فَدَيْتُكَ بُكرةً و أصيلا |
فإذا دنوتَ فلا تَلُمْ إلا الذي | نصُْحِي عَلىَ أُذُنَيْهِ كانَ ثقيلا |