ذراني أقم للشعر في مصر مأتما
ذراني أقم للشعر في مصر مأتما | إلى أن يفيض النيل في أرضها دما |
تلومان أن أبديت ما بي من الأسى | وأني لما بي أن يوارى فيكتما |
سبيلكما أن تخفيا لاعج الجوى | وما هو إلا أن يذاع فيعلما |
أحر الجوى ما جاوز القلب فارتقى | وأصفى الهوى ما ذاب في العين فانهمى |
وأوهى ضروب الحب حبٌ ملثمٌ | يصانع خافيه وشاة ً ولوما |
رويدكما يا لائمي فإن بي | على مصر وجداً جل أن يلثما |
بلادٌ سقتني الحب عذباً ووكلت | بصافيه قلباً بين جنبي أهيما |
يزيد هواها كلما زاد بؤسها | وتنمو تباريح الجوى كلما نما |
حفظت لها عهدين عهد شبيبة ٍ | تصرمت اللذات لما تصرما |
وآخر يكسوني المشيب مفوفاً | ويلبسني منه الرداء المسهما |
وما المرء إلا قومه وبلاده | فإن يذهبا يلق الأذى حيث يمما |
ويحيا حياة البائسين ويحتقب | من العار ما يبقى له الدهر ميسما |
وما من فتى ً تغشى المهانة قومه | فيطمع أن يلفي من الناس مكرما |
بمغرسه يحيا النبات فإن ترد | له مغرساً من دونه مات مؤلما |
ولم أر كالأوطان أكبر حرمة ً | وأكرم ميثاقاً وأعظم مقسما |
حلفت بمصر والعوادي أواخذٌ | بحوبائها يرمينها كل مرتمى |
لقد ضاق حلم النيل عن جهل فتية ٍ | جزوه من الحسنى عقوقاً وملأما |
وما زال مكفور الصنيع كأنما | يجود به كرهاً ويسديه مرغما |
ولا جرم للمصري فيما تأولوا | ولكن أساء النيل صنعاً وأجرما |
تفيض خلال السوء منه فترتوي | نفوس بنيه لا ارتوين من الظمى |
أفي كل يومٍ للغواة جريرة ٌ | تعيد الرجاء الطلق أربد أقتما |
لقد كان فيما أسلف الدهر واعظٌ | لوان عظات الدهر تهدي أخا العمى |
فيا لك يوماً كان في الشؤم واحداً | ويا لك خطباً كان في الهول توأما |
تلقوه بالتهليل حتى كأنما | تلقوا به عيداً لمصر وموسما |
وهموا بأخرى يسقط الدهر دونها | صريعا وتهوي عندها الشهب رجما |
بعيدة مستن المكاره ما لنا | إذا انبعثت منها معاذٌ ولا حمى |
إذا اهتزمت فيها الرزايا حسبتها | تشقق صخاباً من الرعد مرزما |
تسف فتردي الواضعين وترتقي | إلى النفر العالين في القوم سلماً |
وتعصف بالأهرام ثمت تنتحي | قوارعها العظمى فتذرو المقطما |
وترمي عباب النيل منها بزاخرٍ | تظل المنايا فيه غرقى وعوما |
لعمري لقد آن النزوع عن الهوى | وحق على ذي الجهل أن يتعلما |
بني وطني من يرتد الشر يلفه | وإن راقه يوماً رداءً مسمما |
بني وطني إن الأمور سماتها | تبين وإن الرأي أن نتوسما |
بني وطني مالي أراكم كأنما | ترون السبيل الوعر أهدى وأقوما |
أإن قام ينهاكم عن الغي راشدٌ | غضبتم وقلتم خائنٌ رام مغنما |
ورحتم يهب الشر من لهواتكم | مدلين أن أمسى بكم فاغراً فما |
تقودون من غاوٍ ومن ذي عماية ٍ | إلى المعشر الهادين جيشاً عرمرما |
تعالوا إلينا إنما نحن أخوة ٌ | وإن انبتات الحبل أن يتفصما |
تعالوا إلينا إنما نحن أخوة ٌ | وإني رأيت الأخذ بالرفق أحزما |
وإن سبيلنا سواءٌ وكلنا | بنو مصر نأبى أن تضام وتهضما |
وما العار إلا أن تظل أخيذة ً | وتبقى مدى الأيام نهباً مقسما |
برئت من الأوطان إن هال حادثٌ | فلم تلفني في غمرة الهول مقدما |
وإني لنهاض إلى السورة التي | تظل القوى عنها روازح جثما |
وما زلت مذ أرسلت بالشعر هادياً | أجيء به وحياً وآتيه ملهما |
وما بيدي أجري يراعي وإنما | يد الله تجريه فيمضي مقوما |
من العار أن تشقى بلادي وأنعما | وكالموت أن يقضى عليها وأسلما |
أحن إلى استقلالها وإخاله | إذا ما رأبنا الصدع أمراً محتما |
أنطلبه فوضى ونسعى جميعنا | إلى عرصات الموت سعياً منظما |
تحكم فينا الداء فانحلت القوى | وآية داء الجهل أن يتحكما |
تفرقنا الأديان والله واحدٌ | وكل بني الدنيا إلى آدم انتمى |
وساوس ضل الشرق فيها مصفدا | فما يملك الشرقي أن يتقدما |
هي استوطنت منا الرؤوس فغادرت | مكان النهى منها طلولاً وارسما |
بني الشرق لا يصرعكم الدين إنني | أرى الغرب لولا الجد والعلم ماسما |
سلوه إذا رام الفريسة فانتحى | أيرعى مسيحياً ويرحم مسلما |
هو الموت أو تستجفل الشرق رجفة ٌ | تزلزل صرعى من بنيه ونوما |