عودة بلفور
بُلْفُورُ ..عادَ إلى الدُّنا من قبرِهِ | بوعودِهِ لِبَنِي اليهودِ و سِحرِهِ |
مِنْ بَعْدِ أعوامٍ عِجافٍ قَدْ مَضَتْ | عاَد اللئيمُ بِخُبثِهِ وَ بِمَكْرِهِ |
أَرَأَيْتمُ مَيْتاً قضى في سالفٍ | قد جاءنا مُتَبَخْتِراً في سَيْرِهِ ؟ |
وَجْهٌ عَبُوسٌ قد تَغَشّاهُ البِلَى | و رُكامُ أعوامِ الأسى في شَعرِهِ |
قَلْبٌ تَغَشّاهُ السَّوادُ ، فَلَمْ يَزَلْ | كالصَّخْرِ أعيى عُصْبَةً في كَسْرِهِ |
وَ يَكادُ يُشْبِهُ في رَدَاءَةِ طَبْعِهِ | فِرْعَوْنَ في جَبَرُوتِهِ ، في كِبرِهِ |
انظرْ إلى كَفَّيْهِ و اْلمحْ فيهما | دَمَ مَنْ قَضَوْا عمداً بِخِنْجرِ غدرِهِ |
كالأُفْعُوانِِ يبُثُّ سُمّاً قاتلاً | و تعينُهُ عَضَلاتُهُ في نَشْرِهِ |
وَ لَهُ لسانُ خديعةٍ ، لا يرعوي | عن إفكِهِ ، ذَاقَ الوَرَى مِنْ جَمْرِهِ |
إنْ قالَ يُعْجِبْكَ الكلامُ ، وَ خَلْفَهُ | حِقْدٌ توارى في اْبتسامةِ ثغرِهِ |
وَ يَدٌ تُلوِّحُ بالسلامِ ، و تختفي | أخرى بسكينٍ ثوى في طِمْرِهِ |
قد كانَ إمَّعةَ اليهودِ ، و لم يزلْ | هذا الدعيُّ مُهروِلاً في إثرِهِ |
جَحَدَ الحقوقَ مُسَفِّهاً أَصْحَابَهَا | و الحقُّ أبلجُ يُستضاءُ بِبَدْرِهِ |
لا يُنْكِرُ الحقَّ المُبينَ سوى اْمْرِئٍ | وَثَبَ الأبالسُ فوقَ صَهْوَةِ ظَهْرِهِ |
نَحوَ اليمينِ يُوَجِّهُونَ زِمَامَهُ | فإذا عصى وضعوا العصا في نَحْرِهِ |
و إلى اليسارِ إذا أرادوا بالورى | شَرّاً أراقوا للورى مِنْ شَرِّهِ |
كَالدُّمْيَةِ الحمقاءِ في أَيْمانِهِمْ | للرقْصِ تَصْلُحُ ، لا تُفِيدُ لغَيْرِهِ |
يا أيها ( البُلْفُورُ ) أنت مُسَيَّسٌ | كالجَدِّ ( بُلْفُوُرَ ) الكبيرِ بِقَبْرِهِ |
لا فَرْقَ بَيْنَكُمَا سِوَى فِي سَحْنَةٍ | وَ كِلاكُما مُتفرِّدٌ في عُهْرِهِ |
هُوَ قَدْ تَبَوَّأَ فِي الجَحِيمِ مَكَانَهُ | و أراكَ تَنْتَهِلُ اللَّظَى مِنْ بِئْرِهِ |
أوَ كانَ إِرْثَ أبيكما لِتُوَزِّعَا | بِحَمَاقةٍ ما شِئْتُمَا مِنْ خيرِهِ |
هُوَ سَلَّمَ الأقصى لأنجاس الدُّنا | كي يعبثوا بوقارِهِ و بِطُهْرِهِ |
وَ أَتَيْتَ بِالقَوْلِ المُشِينِ مُؤَيِّداً | أَفْعَالَهُ ، فَسَقٌيْتَنَا مِنْ مُرِّهِ |
وَ زَعَمْتَ أَنَّ اللاّجِئِينَ مَكَانُهُمْ | مَنْفىً،يَهِيمُ شِرَاعُهُمْ فِي بَحْرِه |
فطَمَسْتَ تاريخاً عظيماً خَطَّه | شَعْبٌ أَبِيٌّ في دَفَاتِرِ عُمْرِهِ |
كيما تنال رضا اليهودِ وَ مَالَهُمْ | و يُقالُ:هذا الغِرُّ فارسُ عصرِهِ |
لكَ يا (ابنَ بلفورَ) اللظى ستذوقهُ | فلتنتظرْ يوماً تموتُ بِحَرِّهِ |
لا تحسبنْ ربَّ البرايا غافلاً | عن ظلمِ خنزيرٍ طغى في فُجْرِهِ |
سيصبُّ في عينيك جامَ عذابِهِ | ربُّ الورى كلٌ يدينُ لأمرِهِ |