لمن تغنّي ؟ !
من أجل أن تتتفجّر الأرض الحزينة بالغضب ،
| |
و تطلّ من جوف المآذن أغنيات كاللّهب ،
| |
و تضيء في ليل القرى ، ليل القرى كلماتنا ،
| |
ولدت هنا كلماتنا
| |
ولدت هنا في اللّيل يا عود الذرة
| |
يا نجمة مسجونة في خيط ماء
| |
يا ثدي أمّ ، لم يعد فيه لبن
| |
يا أيّها الذي ما زال عند العاشره
| |
لكنّ عينيه تجوّلتا كثيرا في الزمن
| |
يا أيّها الانسان في الريف البعيد
| |
يا من تعاشر أنفسنا بكماء لا تنطق
| |
و تقودها ، و كلاكما يتأمّل الاشياء
| |
و كلاكما تحت السماء ، و نخلة ، و غراب ،
| |
و صدى نداء
| |
يا أيّها الانسان في الريف البعيد
| |
يا من يصمّ السمع عن كلماتنا
| |
أدعوك أن تمشي على كلماتنا بالعين ، لو صادفتنا
| |
كيلا تموت على الورق
| |
أسقط عليها قطرتين من العرق ،
| |
كيلا تموت
| |
فالصوت إن لم يلق أذنا ، ضاع في الصمت الأفق
| |
و مشى على آثاره صوت الغراب !
| |
***
| |
كلماتنا مصلوبة فوق الورق
| |
لمّا تزل طينا ضريرا ، ليس في جنبيه روح
| |
و أنا أريد لها الحياة ،
| |
و أنا أريد لها الحياة على الشفاه
| |
تمضي بها إلى شفه ، فتولد من جديد !
| |
***
| |
يا أيّها الانسان في الريف البعيد !
| |
أدعوك أن تمشي على كلماتنا بالعين ، لو صادفتها ،
| |
أن تقرأ الشوق الملحّ إلى الفرح
| |
شوقا إلى فرح يدوم
| |
فرح يشيع بداخل الأعماق ، يضحك في الضلوع
| |
كي تنبت الأزهار في نفس الجميع
| |
كي لا يحبّ الموت إنسان على هذا الوجود
| |
***
| |
ولدت هنا كلماتنا
| |
لك يا تقاطيع الرجال النائمين على التراب
| |
المائلين على دروب الشمس ، و البط المبرقش ،
| |
و السحاب
| |
فوراء سمرتك الحيّية يلتوي نهر الألم
| |
و بجانب العينين طير ، ناصع الزرقه
| |
مدّ الجناح على اصفرار كالعدم
| |
و هفا ليرتشف الدموع
| |
إنّي أحبّك أيّها الانسان في الريف البعيد !
| |
و إليك جئت ، و في فمي هذا النشيد
| |
يا من تمرّ و لا تقف
| |
عند الذي لم يلق بالا للسكرارى و الستائر و الغرف
| |
و أتى إليك ، إلى فضائك بالنغم
| |
نغم تلوّعفي فؤادي قبلما غنّيت لك
| |
فأنا الذي عالجت نفسي بالهوى ،
| |
كي تخرج الكلمات دافئة الحروف
| |
و أنا الذي هرولت أيامنا بلا مأوى ، بدون رغيف ،
| |
كي تخرج الكلمات راجفة ، مروّعة بكلّ مخيف ،
| |
و أنا ابن ريف
| |
ودّعت أهلي وانتجعت هنا ،
| |
لكنّ قبر أبي بقريتنا هناك ، يحفّه الصبّار
| |
و هناك ، ما زلت لنا في الأفق دار ؟
| |
***
| |
أين الطريق إلى فؤادك أيّها المنفيّ في صمت الحقول
| |
لو أنّني ناي بكفّك تحت صفصافه !
| |
أوراقها في الأفق مروحة ،
| |
خضراء هفهافه
| |
لأخذت سمعك لحظة في هذه الخلوه ،
| |
و تلوت في هذا السكون الشاعري حكاية الدنيا ،
| |
و معارك الانسان ، و الأحزان في الدنيا
| |
ونفضت كلّ النار ، كلّ النار في نفسك
| |
و صنعت من نغمي كلاما واضحا كالشمس
| |
عن حقلنا المفروش للأقدام ،
| |
و متى نقيم العرس ؟
| |
و نودّع الآلام !
| |
------
|