ولابد أن يستمر الحداء
حُرمنا من الفرح ِعمرًا طويلا ً | و أولادُنا يرضعونَ الشقاءْ |
بلادٌ تفرُّ بها الأغنياتُ | ويبقى العويلُ بها والبكاءْ |
بلاد بها الفرحُ يحيا ضريرًا | ويقبعُ خلف كهوف الغباءْ |
بها الطهرُ أمسى غريبًا مريبًا | ويُرفع للعرى ألفُ لواءْ |
تولى مقاليدَ أمر البراءة والط | هر من يُحسنونَ البغاءْ |
فيسجنُ فيها التقىُّ النقيُّ | ويمرحُ في دربها الأشقياءْ |
ويشربُ من مُرها الكادحون | ويسبحُ فى شهدها العملاءْ |
بلادٌ لها القهرُ دستورُها | وفى كل ركن ٍبها كربلاءْ |
يذبَّحُ فى كل بيت حسينٌ | ويعجزُ عن نعيه البلغاءْ |
يعاقرُ كأسَ الخيانةِ فيها | أولو الأمر ِحينَ يحينُ الولاءْ |
ويُدمنُ مرَّ المذلةِ شعبٌ | يرى فى المذلةِ نهرَ العطاءْ |
ويرشفُ نهرَ دمانا بغاة ٌ | يحبونَ مِنا ارتشافَ الدماءْ |
ويسرقُ مزمارَ أصواتِنا | دعاةُ التقدم ِصَوْبَ الوراءْ |
مُنِعْنَا من الحزن ِحتى بدوْنا | على صهوةِ الصمتِ كالغرباءْ |
فنبكى إذا شاءَ جزارُنا | وليس لنا مرةً أنْ نشاءْ |
تجرَّعتُ من حزنها ما سقتنا | وعفتُ المذلَّة َوالانحناءْ |
أنا يا أخا الحزن ِحلمي سينمو | ويثمرُ بعدَ رحيل ِالمساءْ |
سيرحلُ أهلُ المذلةِ يومًا | ولا يبقى إلاَّ بنو الكبرياءْ |
فمتْ إنْ أردتَ عزيزًا كريمًا | ستحيا ولن يحتويكَ الفناءْ |
و إنْ عشتَ عمرًا مديدًا مهانًا | فأنت و أهلُ القبورِ سواءْ |
سنلعقُ زيتَ جراحاتنا | لنظهرَ شيئا من الكبرياءْ |
يقولون حين رأوْا كبريائي | يباعدُ عن مقلتيهِ البكاءْ |
فلسنا نحبُ ركوع الخنا | ولا نرضى أن نجلسَ القرفصاءْ |
خلقنا لنرفعَ أمجادَنا | على النجم ِحتى يسودَ الضياءْ |
خلقنا لنزرعَ أحلامنا | بواحةِ أشعارنا فى الفضاءْ |
خلقنا نحارب عسرَ الليالي | ليبقى النهارُ ويمضى المساءْ |
خلقنا نخلِّد أرواحنا | بشتلةِ حبٍ وجرعةِ ماءْ |
فيثمر فى كل ركن ٍعناقٌ | وبعضُ حنين وجيشُ إخاءْ |
ونهرٌ من الشوق عذبٌ وفجرٌ | تطولُ به سجدةُ الأولياءْ |
و أشجارُ عز و أشجارُ مجد | وواحاتُ فخر ونهرُ إباءْ |
خلقنا نسطِّر أمجادَنا | ونكتب فوق العدا ما نشاءْ |
أخا الحزن كن بلبلا فى سمانا | فإنَّ البلابلَ تهوى الغناءْ |
أخا الحزن كفكفْ دموعكَ واهدأ | فلابد أنْ يستمرَ الحداءْ |
أخا الحزن إني على موعدٍ | ولن يخلفَ الفجرُ هذا اللقاءْ |
سنرقى لنحصدَ أحلامنا | فما ثمَّ إلا السنا والثناءْ |