أُسمّي حبيبتي بأسماء الحشرات الرقيقة، بأسماء النّملات والدعاسيق وفراشات بشّار الخير. تعتبر ذلك غزلا جيدا، فأضيف كل مرة اسم حشرة رقيقة جديد لأغازلها به.
قالت لي إنها ستتخصص بعد شهادة الدكتوراه في الدفاع عن الحشرات.
قررت أن أتخصص معها في ذلك، وأن نحول حياتنا كلها إلى أشعار صغيرة ودقيقة كالحشرات.
بُحت لها بسرّ: أنّي ربّيت عنكبوتا في طفولتي، ربيتها في عشها في زاوية المرآب، اصطدت حشرات أخرى كثيرة بيدي: بعوضا وذبابا وجرادا صغيرا، وقذفتها في عش تلك العنكبوت، حتى لم تبق تصطاد شيئا بنفسها، بل صارت كسولة بالكامل تعتمد فقط على خفة يدي، صارت كابنتي المدلّلة التي تضطجع على الكنبات بالمقلوب لتبكي وتصرخ مطالبة بحلوى عيد الميلاد دون مناسبة عيد ميلاد.
لاحظتُ أن حبيبتي كانت تستمع إلى قصتي هذه بفتور.
قلتُ: اح اح كأني أكحّ، وأردت أن أقترح عليها أن نربي عنكبوتا في البيت ونعطيها اسما، لأن العناكب جميلة.
قاطعتني بحزم بعد أن نفذت طاقة تحملها أنها لا تحب العناكب، وأنها قد تموت إن أَرَيْتُهَا عنكبوتا، أو إن تمشّت فوق جلدها عنكبوت بتلك المشية السوريالية، وأنها لا تنام إن رأت عنكبوتا حتى لا ترى عناكب عملاقة في الحلم.
اقترحت عليها فورا أن نستثني العناكب من لائحة الدفاع عن الحشرات، لأن العناكب ليست حشرات، بل شيئا آخر لا أحد يعرف حتى ما هو. فوافَقَتْ.
