يا ابنة َ السابقين من قَحْطانِ
يا ابنة َ السابقين من قَحْطانِ | وتُراثَ الأمجادِ من عَدْنانِ |
أنتِ علَمْتِني البيان فما لي | كلّما لُحْتِ حار فيكِ بياني |
رُبَّ حُسْنٍ يعوق عن وَصْفِ حُسْنٍ | وَجَمَالٍ يُنْسي جَمَالَ المَعَاني |
كنْتُ أشدُو بَيْنَ الطُّيورِ بِذِكْرا | كِ فتعلو أَلْحَانَها ألحاني |
وأصوغُ الشِّعرَ الذي يَفْرعُ النَّجْ | مَ وتُصْغِي لِجَرْسِه الشِّعْرَيانِ |
ياابنة َ الضَادِ أنتِ سرُّ من الحُسْ | نِ تجلَّى عَلَى بَنِي الإِنسان |
كنتِ في الْقَفْرِ جَنَّة ً ظلَّلَتْها | حالِياتٌ من الْغُصونِ دَواني |
لغة ُ الفنِّ أنتِ والسحْرِ والشِّعْ | رِ ونُورُ الْحِجَا وَوَحْيُ الْجَنانِ |
رُبَّ جَيْشٍ من الْحَديدِ تَوَلَّى | واجِفَ القلبِ مِن حَديدِ اللِّسانِ |
وبيَانٍ بَنَى لِصاحِبِه الْخُلْ | دَ مُطِلاًّ مِن قِمَّة ِ الأْزمان |
وقصِيدٍ قد خَفَّ حتَّى عَجِبْنا | كَيفَ نالَتْهُ كِفَّة ُ الأوْزانِ |
بلغ العُرْبُ بالبلاغَة ِ والإسْ | لامِ أَوْجاً أعْيَا عَلَى كَيْوانِ |
لَبِسوا شَمْسَ دَوْلة ِ الفُرْسِ تاجاً | ومَضَوْا في مَغافِرِ الرومان |
وجَرَوْا يَنْشرون في الأرْضِ هَدْياً | مِنْ سَنا العِلْمِ أو سَنا القُرآن |
لا تَضِلُّ الشُعُوبُ مِصْباحُها العِلْ | مُ يُؤاخِيِه راسِخُ الإِيمانِ |
فإِذا أُطْفِىء َ السِّراجُ فَمْينُ | وضَلالٌ ما تُبْصِرُ العَينان |
أينَ آلُ العبّاسِ رَيْحانَهُ الدهْ | رِ وأينَ الكِرامُ مِنْ مَرْوانِ |
خَفَتَ الصَوْتُ لا البِلادُ بِلادٌ | يَوْمَ بانوا ولا المغَانِي مَغَاني |
أزهرتْ في حِماهُم الضادُ حِينًا | وذَوَتْ بَعْدَهُمْ لِغَيْرِ أَوان |
إِنْ أصاخَتْ فالقَوْلُ غيرُ فَصِيحٍ | أَوْرَنَتْ فالوُجوهُ غيرُ حِسان |
فمضتْ نحوَ مِصرَ مِثْلَ قَطاة ٍ | فَزَّعَتْها كَوَاسِرُ العِقْبان |
يكدُرُ العَيْشُ مرة ً ثم يَصْفو | كَمْ لِهَذِي الْحَياة ِ مِنْ أَلْوانِ |
ثم هَبَّت زَعازعٌ تَرَكَتْها | بَيْنَ مُرِّ الأسَى وذُلِّ الهَوانِ |
وإذا نَهْضَة ٌ تَدِبُّ بِمِصْرٍ | كَدَبِيبِ الْحَياة ِ في الأبْدان |
وإذا اليَوْمُ باسمُ والليالي | مُشْرِقَاتٌ والدَهْرُ مُلْقِي العِنان |
وإذا الضَادُ تَسْتَعِيدُ جمَالاً | كادَ يَقْضي عَلَيْهِ رَيْبُ الزَمانِ |
نزلتْ في حِمَى فُؤادٍ فأضْحَتْ | مِنْ أياديه في أعزِّ مَكان |
مَلِكٌ شادَ لِلْكنانة ِ مَجْداً | فَسَمَتْ باسْمِهِ عَلَى البُلْدان |
كُلَّ يَومٍ يَمُدُّ لِلْعِلْمِ كفّاً | خُلِقَتْ للْوَفاءِ والإِحْسان |
إنّ دارَ العُلُومِ بِنْيَة َ إِسما | عِيلَ تُزْهَى بِه عَلَى كلِّ بانِ |
مَنْ يُسامِي أبا المواهِبِ والأشْب | الِ في فَيْضِ جُودِهِ أو يُداني |
هي في مِصْرَ كَعْبَة ٌ بَعَثَ الشَرْ | قُ إليْها طوائِفَ الرُّكْبان |
قد أعادتْ عَهْدَ الأعارِيب في مِصْ | رَ إلى ناعمٍ من العَيْشِ هاني |
وأظلَّتْ بِنْتَ الفَدافِدِ والبِي | دِ بِأَفْياءِ دَوْحِها الفَيْنان |
دَرَجَتْ بَيْنَ فِتْيَة ٍ وشُيُوخٍ | كلُّهُمْ يَنْتَمِي إلَى سَحْبانِ |
وأَطَلّتْ من الخِباءِ عَلَيْهِمْ | فَسَبَتْهُمْ بِسِحْرِها الفَتّانِ |
فُتِنوا بالعُذَيْبِ والسَّفْحِ والجِزْ | عِ ووادِي العَقيقِ والصمَّانِ |
يتلقَّوْنَ وَحْيَها كُلَّ حِينٍ | ويناجُون طَيْفَها كُلَّ آنِ |
ويُغَنُّونَ باسمِها مثلَ | ما غَنَّى زُهَيْرٌ بِسِيرَة ِ ابْنِ سِنانِ |
نثرتْ دُرَّها الفَريدَ فكانوا | أسْرَعَ الناسِ في الْتِقاطِ الجُمان |
رُبَّ شَيْخٍ أفنَى سَوادَ الليالي | ساهِدَ العَيْنِ جاهِداً غَيْرَ واني |
مِنْ بُحُوثٍ إِلَى كتابة ِ نَقْدٍ | ثُمَّ من مُعْجَمٍ إِلَى دِيوان |
يَقْنِصُ الآبِداتِ عَزَّتْ على الصَّيدِ | فماسَتْ بَيْنَ الرُّبا والرِّعانِ |
سارحاتٍ كأنّها قِطَعُ الوَشْي | يُطَرِّزْنَ سُنْدُسَ القِيعان |
إِنْ تَسمَّعْنَ نَبْأَة ً غِبنَ في الرِي | حِ كَسِرٍّ يُصانُ بالكِتمان |
فإِذا ما أَمِنَّ يَخرجْن أَرْسا | لاً كَخَيْلٍ نَشٍطْن من أرْسانِ |
كلُّ جُزْءٍ في جِسْمِهِنَّ له عَيْ | نٌ على الشرِّ أو له أُذُنان |
لم يَزَلْ صاحبي يُعالِجُ مِنْهُ | نَّ نِفارا مُسْتَعْصِياً ويُعانِي |
في فلاة ٍ لا تَحْمِلُ الرِيحُ فيها | غير رَنَّاتِ قَوْسِهِ المِرنانِ |
كلّما طارَ خَلْفَهُنَّ تَسَرَّبْنَ | هَباءً في غَيْهَبِ النسْيان |
فتراهُ حِيناً كما وَثَبَ اللَّيْ | ثُ وحِيناً يَنْسابُ كالأُفْعُوان |
وهي تلهو به فَآنَّا تُجافِيهِ | وآنَّا تُمْلِي له فَتُداني |
مرة ً في مدَى يَدَيْهِ وأُخْرَى | ماله باقْتِناصِهِنَّ يَدانِ |
لم يَقِفْ نادِماً يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ | فَعَالَ الْمُجَوَّفِ الْحَيْرانِ |
ثم كانت عَواقِبُ الصَبْرِ أَنْ ذَلَّتْ | له الشَارِداتُ بَعْدَ الحِران |
مَلَّكَتْهُ أعْناقَها في خُضوعٍ | وَحَبَتْه قِيادَها في لَيان |
رَبَّ شِعْرٍ لَه يُرَدِّدُه الدهْ | رُ فتُصْغِي مَسامِعُ الأكوان |
يَتَمَنَّى الربيعُ لو تَخِذَتْ مِنْهُ | حُلاها ذَوائِبُ الأغْصان |
من بَناتِ الخيالِ لو كان يُسْقَى | لَعَدَدْناه من بَناتِ الدِّنان |
ردّدَتْه القِيانُ يُكْسِبْنَهُ حُسْناً | فأرْبَى عَلَى جَمالِ القِيانِ |
قد أثارَ الغُبارَ في وَجْهِ مَيْمُو | نٍ وَعَفَّى عَلَى فَتَى ذُبْيان |
شيخَة َ الدارِ أنْتُمُ خَدَمُ الفُصْ | حَى وحُرَّاسُ ذلكَ البُنْيانِ |
لَبِسَتْ جِدَّة َ الصِّبا في ذراكُمْ | وغَدَتْ من حُلاه في رَيْعان |
غَيْرَ أنَّ الحياة َ تَعْدُو ولا يُدْ | رِكُ فيها طِلاَبَهُ المُتوانِي |
سابِقوها بالدِينِ والْخُلُقِ السَّ | مْحِ وصِدْقِ الوَفاءِ للإِخْوانَ |
سابِقوها بالْجِدِّ فالجِدُّ | والمَجْدُ كما شاءتْ العُلا نَؤمان |
ذلِّلُوا للشَبابِ مُسْتَعْصِيَ الفُصْ | حَى فإنَّ الرَجَاءَ في الشبّان |
وانثُرُوها قَلائداً وعُقُودا | تَتَحَدى قَلائدَ العِقْيانِ |
بَسَم الدهرُ أَنْ رآكم بِناءً | عَبْقَرِياً مُوَطَّدَ الأركان |
كم رَجا الدهْرُ أَنْ يُشاهدَ يَوْماً | جَمْعكم سالماً من الشَنَآن |
إِنّما الكَفُّ بالبَنانِ ولا تُج | دِي فَتِيلاً كَف بغير بَنان |
جَمعتْكُمْ أَواصِرٌ وصِلاتٌ | طَهُرتْ من دَخائلِ الأضْغانِ |
فاسلُكوا المَهْيعَ القويم وسيروا | في شُعاعِ المنى وظِلّ الأماني |
واشكروا للوزير بِيضَ أيادِ | يه ومِدْرارَ فَيْضِهِ الهَتّان |
يَبْذُلُ الْخَيْرَ فِطْرَة ً ليس يَثني | هِ عن الْخَيْر والصَنيعَة ِ ثاني |
هو ذُخرُ الطُلاّبِ كَمْ وَجدُوا فيه | أمانامن طارقِ الحدثانِ |
يَبْعَثُ الغَيْثَ والرجاءَ لقاصٍ | ويَمُدُّ اليَمينَ بِرّاً لِداني |
كم له مِنَّة ٌ عَلَى الضَادِ هَزَّتْ | كُلَّ لَفْظٍ فيها إلَى الشكْرانِ |
سَعِدَ العِلْمُ واسْتَعَزَّ بِحِلْمِي | وغَدَا دَوْحُهُ قريبَ المَجاني |
سار مُسترشداً بِهَدْي مَلِيكٍ | ما لَهُ في أصَالة ِ الرَأْي ثاني |
مَلِكُ تَسْعَدُ البِلادُ بِنُعْما | هُ ويُزْهَى بنورهِ القَمَران |
عاشَ للدِينِ والمَكارِمِ والنُّبْ | لِ وَبَثِّ الْحَياة ِ والعِرْفان |
ولْيَعِشْ للبِلادِ فاروقُ مِصْرِ | قُدْوَة َ الناهِضِينَ رَمْزَ الأَماني |