الرئيسية » , » إلى آنا أخماتوفا | يفغيني الكساندروفيتش يفتوشينكو / Yevgeny Aleksandr

إلى آنا أخماتوفا | يفغيني الكساندروفيتش يفتوشينكو / Yevgeny Aleksandr

Written By هشام الصباحي on الخميس، 15 يناير 2015 | يناير 15, 2015


I
أخماتوفا عاشت في زمنين.
و لم يكن لائقاً البكاءُ عليها.
لا يُصدّق، أنها كانت تعيش،
لا يُصدّق، أنها غادرتنا.
.
لقد رحلتْ، كما الأغنيةُ
ترحلُ إلى عمق ِ حديقةٍ راحتْ تُظْلِم.
لقد رحلت، كما لو إلى الأبدِ عادتْ
من لينينغراد إلى بطرسبورغ.
.
لقد ربطت بين هذه الأزمنة
في مركز غائمٍ مُظَلَّلٍ.
فإذا كان بوشكين – الشمس،
فإنها ستكون في الشعر – ليلةً بيضاء.
.
كانتْ مستلقيةً فوقَ الموتِ
و فوق الخلود،
خارجَ كل شيء، كما لو عَرَضاً
ليس في الواقع، بل عليه،
كانت مستلقية بين الحاضر و الماضي.
.
و الماضي سار بقرب التابوت بخشوع
لا على شكل رتلٍ من السيدات المؤمنات.
إذ راحت الكشش الشيب تتلألأ
من تحت القبعات القديمة الطراز
بكل الضياء و الفخر.
.
و مشى المُستَقبلُ، ضعيفاً في الكتفين.
و مشى الأولاد. كانوا يحرقون أنفسهم
بلهيب مدرسيٍّ في العيون
و قد مسكوا الدفاتر في قبضاتهم بقوة.
.
و الفتيات الصغيرات حمِلن،
على الأرجح، في حقائبهن
دفاتر يوميات و لوائح.
إنهن ذاتهن – الطاهرات و السعيدات –
التلميذات الروسيات الساذجات.
.
و أنت – أيها الانحلال الكوني،
لا تقض ِ على رابطة الزمن تلك –
فإنها سوف تساعد فيما بعد.
إذ ببساطة لا يمكن أن يكون هناك اثنتين
من روسيا،
كما لا يمكن أن يكون هناك اثنتين
من أخماتوفا.
II
و لكن، ليس بعيداً، في تابوت ثانٍ،
كما لو أنها أغنيةٌ شعبيةٌ بجانبِ الإنجيل،
كانت مستلقية في منديلٍ أبيض بسيط
عجوزٌ من عمْرِ أخماتوفا.
كانت مستلقية، كما لو أنها تستعد للإكليل،
و قد أرهَقَها الغسيل، و الكَنْسُ و الهَرْشُ،
و رَفْأُ الثياب،
فلاحةٌ بحَسَبِ اليدين و بحسب الوجه،
و ستُّ بيتٍ، على العموم، يُفْتَرض أن تكون.
....
أن تكونَ ميتةً – إنها حياةُ النعيم.
كمْ أحْسَنَ الناسُ الاهتمام بها،
و كما لو أنها طفلٌ قبل العيد بالضبط،
قاموا بغسلها و ألبسوها ثياباً نظيفة.
.
كانت واضحةً في وداعها
و قد ضمَّتْ إلى صدرها بإجلال
يدين جافتين، كما لو أنها كانت
تُمْسِكُ بهما شمعةً خفية.
.....
و رحتُ أفكرُ : لربما، فجأة،
قد يكون هناك مع ذلك " روسييَنْ ":
روسيا الروح و روسيا اليدين –
بلدَين مختلفين و غريبين تماماً؟
.
لم يتفجع أحد على تلك العجوز.
لم يضعْها أحد على قائمة الخالدين.
و كان فوقها أبيضَ كما لو من بعيد
منظرٌ جانبي أخماتوفيٌّ نبيل.
.
أخماتوفا كانت تستلقي بجفاء و بازدراء
أعلى من جميع أصناف المديح،
و هي تدرك مقامها الروحي
على الادعاء و الدهماء الروحييَنْ.
.
أرستقراطية ؟ كلها من هناك، حيث
كانت الأرصفة تُضرَبُ تحت حوافر الجياد!
و لكن اليدين و هي ترتمي على الأزهار،
كانتا تهتزان، كما على الماء،
و تمنحان شيئاً ما.
.
لقد أبدعتا الخير كما استطاعتا.
لكن القوى كانت أحياناً غير كافية،
و الريشة، الخفيفة بالنسبة لبوشكين،
طالما كسرت الأصابع النسائية
مع ابتسامة ساخرة.
.....
مليكة بلا تاج أو صولجان
وسط المواهب الباهتة من حيث الاحترام،
لقد كانت واضحة عند الوداع،
كما تلك العجوز في ذلك البابوج الهدية!
*

ترجمة: ابراهيم استنبولي
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads