الرئيسية » » لا زلتُ أشكو لوعةَ الغُرباءِ | جمال مرسي

لا زلتُ أشكو لوعةَ الغُرباءِ | جمال مرسي

Written By Unknown on الاثنين، 15 يوليو 2013 | يوليو 15, 2013

لا زلتُ أشكو لوعةَ الغُرباءِ


في ليلةٍ مـن باهـرِ الأضـواءِ فاحتْ بعطرِ الروضـةِ الغنَّـاءِ
و ترنَّمَتْ فيها عصافيرُ الهـوى تشدو بلحـنٍ رائـعِ الأصـداءِ
خَفَقَتْ لهُ كلُّ القلوبِ ، تمايَلَـتْ من سكرةِ الألحانِ و الصهبـاءِ
لكنَّ قلبي لم يـزل فـي ذِكـرةٍ أقصَتْهُ عن نورٍ و عن ضوضاءِ
مُتنحياً في ركنِـهِ عـن عالـمٍ مُتغيِّـرِ الألـوانِ كالحـربـاءِ
في عزلةٍ أصبو لها كالعاشقيـنَ و زُمـرةِ الزُهّـادِ و الشعـراءِ
قد كنتُ فيها شارداً ، و كأننـي عادتْ بيَ السنواتُ ألـفَ وراءِ
يومَ التقينا ها هنـا ، فتسللـتْ كفّي لتقطِـفَ نجمـةَ الإمسـاءِ
و تداعب البدرَ المنيرَ فتصطلي بالنـارِ مثـل فراشـةٍ حمقـاءِ
أو تمسح الدمعَ الذي أَهْرَقْتِـهِ فوقَ الخدودِ يتيهُ فـي خُيـلاءِ
في عزلتي إني هنـا محبوبتـي لا زلتُ أشكو لوعـةَ الغُرَبـاءِ
و مخاطباً نفسي ، و ما بي جِنَّةٌ حتّامَ تبقى حَيْرتـي و شقائـي
فتجيبني : يا صاحبي عِشْ واقعاً لا تلتحِفْ في الليـلِ بالظلمـاءِ
اُخرجْ ، فإنَّ حياتنـا كخميلـةٍ مرويَّـةٍ بالـمـاءِ لا بـدمـاءِ
فيهـا أزاهيـرٌ تبايـن لونُهـا و تنوَّعَت في الحُسنِ و الأسماءِ
فيها من الأطيارِ أسرابٌ ، فمـا نعبُ الغـرابِ كرقـةِ الورقـاءِ
يا صاحبي ، إن الحياةَ كمسرحٍ و الـكـلُّ أدى دورَهُ بسـخـاءِ
هذا غنيٌّ ، هكـذا يبـدو بهـا ليس الغِنى بجواهـرٍ و كساءِ
إنَّ الغِنى أن تطمئنَّ ، و ترتدي ثوبَ العفـافِ مُرَصَّعـاً بإبـاءِ
يا صاحِ دع عنكَ الهمومَ ، فإنها تسري كَسُـمِّ الحيّـةِ الرقطـاءِ
نحِّ التشـاؤمَ جانبـاً ، فكأنَّـهُ في سطـوِهِ كغمامـةٍ سـوداءِ
تمضي السنونُ بحُلوِها و بمُرِّها و بما حَوَتْ من راحةٍ و عنـاءِ
و يظـلُّ أمـرُ اللهِ فينـا نافـذاً بالحقِّ ، لا بشريعـةِ الغوغـاءِ
فاقنع بحكـم اللهِ فـي عليائِـهِ لا يملـكُ الإنسـانُ ردَّ قضـاءِ

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads