إلام تجن الحادثات وتظلم
إلام تجن الحادثات وتظلم | وحتى متى تبغي العداة وتظلم |
حملنا من الأيام ما لا يطيقه | أبانٌ ولا يقوى عليه يلملم |
نوائب تتلوها إلينا نوائبٌ | صعاب تهد الراسيات وتهدم |
إذا نحن قلنا قد تولت غيومها | توالت علينا ترجحن وتسجم |
ظللنا لها ما بين باكٍ دموعه | تسيل وشاكٍ قلبه يتضرم |
جزى الله ما يجزي المسيئين معشراً | تمادت بنا شكوى الإساءة منهم |
أتوا مصر ضيفاناً أطلنا قراهمو | وإكرامهم والحر للضيف يكرم |
فما برحوا يأتون كل عظيمة ٍ | فنغضي ويأبون الجميل فنحلم |
أهذا جزاء المحسنين وفوا به | فيا بئسما يجزي اللئيم المذمم |
بذلنا لهم أرياً وجاءوا بعلقمٍ | وهل يستوي الضدان أريٌ وعلقم |
نقيضان هذا مر في الذوق مطعماً | فمج وهذا قد حلا منه مطعم |
لئامٌ لقوا منا كراماً لقوهمو | بأحلام عادٍ يلأمون ونكرم |
همو زعموا أنا ضعافٌ فضاعفوا | أذانا وكم من مخطئ حين يزعم |
يزيد الأذى منهم فيزداد حلمنا | ويعظم وقع الخطب فينا فنعظم |
وجاروا وماروا واعتدوا وتمردوا | وجالوا وصالوا وازدروا وتهضموا |
وعادوا وكادوا واستبدوا وعاندوا | وخانوا ومانوا واستطالوا وأجرموا |
ولم يتركوا شيئاً لنا من بلادنا | نلذ به بين الأنام وننعم |
نعم تركوا آلام حزنٍ مبرحٍ | بها كل قلبٍ من بني مصر مفعم |
كفى حزناً أنا نرى مصر أصبحت | بعين بنيها وهي نهبٌ مقسم |
تناديهمو كي يدركوها ولا أرى | سوى محجمٍ يعتاق ساقيه محجم |
بني مصر هيا قد تمادى جثومكم | أأنتم إلى يوم القيامة جثم |
بني مصر هذي مصر تبكي مصابها | ألا مشفق يحنو عليها ويرحم |
بني مصر هذي مصر قد ساء حالها | وأسوأ حالاً لو تفيقون أنتم |
بني مصر قد أوردتمو مصر مورداً | يذيق الردى وراده لو علمتم |
أسأتم إليها جاهدين وأنتمو | بنوها فهلا للعداة أسأتم |
فيا ليتها من قبل كانت عقيمة ً | ويا ليتها في مقبل الدهر تعقم |
فما ثاكل شمطاء أمسى وحيدها تخرمه صرف الردى المتخرم
| |
رهين بلى ً قد حل في جوف حفرة ٍ | يسد عليها بالرجام ويردم |
تولت بقلبٍ موجعٍ لفراقه | تشق عليه الجيب حزناً وتلطم |
يقرح جفنيها لطول بكائها | دموعٌ سخيناتٌ يعندمها دم |
بأعظم من مصر اكتئاباً وحسرة ً | وقد زال عنها عزها المتصرم |
لقد هرمت مصر ونزعم أنها | فتاة ٌ فهل أدعى فتى ً حين أهرم |
بدا ظهرها بعد الشباب مقوساً | وقد كان قبل الشيب وهو مقوم |
ولو أسفرت عن وجهها لبدت لنا | حقيقتها لكنها تتلثم |
إذا حاولت مصرٌ إلى المجد نهضة ً | أبى ذاك عظمٌ واهنٌ متهشم |
أتلك فتاة ٌ يا بني مصر إنكم | توهمتمو هذا فخاب التوهم |
وفلاح مصرٍ كم توالت مصائبٌ | عليه تلقى شرها وهو مرغم |
رأى القوت من هم الحياة فباعه | يخاف أذاهم وانثنى يتألم |
له صبية ٌ خمص البطون كأنهم | جوازل وكرٍ ما لها فيه مطعم |
وبادية الثديين أخلق ثوبها | وأبلاه بعد الحول حول مجرم |
توجع تبغي بعد عامين غيره | حفاظاً على العورات والمرء معدم |
يقول لها لا ترفعي الصوت واجعلي | لباسك حسن الصبر ما ثم درهم |
مغارم شتى لا تزال تصيبني | إذا مغرم منها انقضى جاء مغرم |
نمارس أنواع الشقاء وغيرنا | بما نحن نجني دوننا يتنعم |
نبيع ببخسٍ ما علمت ونشتري | من القوم لا بالبخس ما نحن ننجم |
فلو أن في مصرٍ مصانع لم يكن | كمغنم أهليها على الدهر مغنم |
بلادٌ يفيض الخير فيها وتشتكي | وشعبٌ يفوز الأجنبي ويحرم |
ألا ليت هذا الدهر يعكس سيره | فيعتاد مصراً عهدها المتقدم |
لقد كان عيداً للبلاد وموسماً | تسر به لو دام عيدٌ وموسم |
ترقت بروج العز فيه بواذخاً | لها من صميم العزم والحزم سلم |
أتى بعده عهدٌ وعهدٌ كلاهما | أضر وأنكى للبلاد وأشأم |
كفى حزناً أن المدارس أصبحت | دوارس فيها للبلى متخيم |
أرى أمة ً حيرى يظل سوادها | صريع العمى والجهل ما يتعلم |
ألا مصلح يبني الحياة لقومه | ألا منقذ يحمي البلاد ويعصم |
سما من سما بالعلم واعتز بالحجى | من اعتز فينا والذين تقدموا |
رأيت سنام المجد لا يستطيعه | بلا أدبٍ يسمو به المتسنم |
وكيف تنال المجد في الناس أمة ٌ | أزمتها للإنكليز تسلم |
أنطمع كالأحياء في نيل بغية ٍ | وأعداؤنا تقضي علينا وتحكم |
ولم أر كالسودان أبعث للأسى | وإن لج في ترنامة المترنم |
أكانوا عداة ً فابتدرنا قتالهم | وصاولهم منا الخميس العرمرم |
دهمناهمو لا بل دهمنا نفوسنا | فهلا علمنا أينا كان يدهم |
سيوف لغير الله سلت عليهمو | تطبق فيهم مرة ً وتصمم |
تمنى لو أن الحامليها تثلمت | سواعدها أو أنها تنثلم |
ومشتجرات في الصدور نوافذٌ | تود تقى ً لو أنها تتحطم |
فيا عجباً للدهر كيف يضمنا | وإخواننا الأدنين في الحرب مأزم |
ألا حرمة وافى بها الدين تتقى | ألا رحم أوصى بها الله ترحم |
كأني بأرواحٍ قضت شهداؤها | تسامى إلى ديانها تتظلم |
لعمري لقد غيظت لسوء صنيعنا | ملائكة الجبار فهي تدمدم |
تجدلت الحامون منا ومنهمو | وحدثت الناعون عنا وعنهم |
فمن لنساءٍ قد شجاها التأيم | ومن لصغارٍ قد دهاها التيتم |
يهنئنا قومٌ بهذا وإنما | يهنأ من يغزو العدو فيغنم |
علام أرى الغاوين تسدي وتلحم | وتنثر في مدح العداة وتنظم |
ألا قاتل الله المقطم إنه | ليوشك أن يندك منه المقطم |
نود له أن يهتدي من ظلاله | فيأبى وأن يحذو الكرام فيلأم |
وكيف يرى سبل الهداية مبغضٌ | لها مستهامٌ بالغواية مغرم |
يدب يقول السوء في مصر جاهداً | كما دب ليلاً ينفث السم أرقم |
ألم يدر أن الصدق أهدى طريقة ً | وأجدى وأن الحق أقوى وأقوم |
تمنى العدى أن تستبيح بلادنا | منى ً دونها ذو لبدتين غشمشم |
شتيمٌ تحامى الضاريات عرينه | يكشر عن أنيابه ويصلقم |
منى دونها غيث البلاد وغوثها | مليك الورى عبد الحميد المعظم |
أجل الملوك الصيد في الفضل رتبة ً | وأقوم رأياً في الخطوب وأحزم |
له عزماتٌ ماضياتٌ متى ترم | مراماً تحاماها القضاء المحتم |
يبيت الدجى يرعى الرعايا بفكرة ٍ | حكت منه طرفاً كالئاً ما يهوم |
هو المرتجى للملك يحمي ذماره | ويدحر عنه المعتدين ويدحم |
ورأيٍ له أمضى غراراً ومضرباً | من السيف لا ينبو ولا هو يكهم |
تغض به هام الأعادي إذا عتت | وتجذم أسباب العوادي وتخذم |
أمولاي رحماك التي أنت أهلها | فحتى متى نبدي الشكايا ونكتم |
يصرح بالشكوى لعلياك معشرٌ | ويخشى الأعادي معشرٌ فيجمجم |
أمضت جراحات الخطوب قلوبنا | وليس لها في غير كفيك مرهم |
أما للشياطين التي قد تمردت | بأرضك شهبٌ من سمائك رجم |
غياثك يا رب البلاد لأمة ٍ | يهدم عالي مجدها ويهضم |
غياثك إنا قد سئمنا حياتنا | ومثل حياة الحر في مصر تسأم |
غياثك قد ضاق الخناق وحشرجت | نفوسٌ إذا استبقيتها تتلوم |
بقيت لهذا الملك تدفع دونه | وتمنع أمر المسلمين وتعصم |
ولا زلت يا روح الخلافة سالماً | فأمنية الإسلام أنك تسلم |
ولا برح البيت الذي أنت شائدٌ | من المجد فينا وهو بيتٌ محرم |