الرئيسية » » اللوحة | رشا عمران

اللوحة | رشا عمران

Written By غير معرف on الخميس، 25 أبريل 2013 | أبريل 25, 2013


اللوحة | رشا عمران 


عليّ أن أفعل هذا كل يوم
أن أراقب نظراتكم العايرة تلمحني وتختفي
أن أنشغل بصياغة همهمات خافتة
أن أؤلف الحكايات عن أصحاب كل ليل
وأن أنصت بصبر مالح إلى الأصوات المتراكمة كما الكلس
و أشيح بوجهي عن الشهوات المنحوتة بأظافر الضجر
أو أصوب نظري نحو الكنيسة القريبة
حيث يطلع ذلك الضوء الملتبس
كاشفا الطريق للوافدين من الموتى الجدد
ثم في آخر الليل
بعد أن يستقر الصمت على مساحة المكان
أنفض عن جسدي بقايا النعاس
ورماد السجائر عن ألواني الداكنة
أترجل عن الحائط الذي يتشبث بي كما لو أنني قشرته
لأفرغ في جوفي ما تبقى من رغبة الخمر في كؤوسكم
وألملم عن الطاولات أرقام هواتف مجهولة
دمع العشاق المهجورين
وحشة الباحثين، بلا طائل، عن الحب
و عن الأرض
آثار الأقدام التي استدرجت سواها
ثم ، كما لو كان لي صوت بشري
اصرخ في برية ذلك الظلام
مصرحة بأفكاري كلها
الشريرة
الطيبة
التي ألّفتها
والتي جمعتها من ظلال أحاديث اعتدت سماعها كل ليلة
أصرخ كما لو أن أحدا يسمعني:
لست من مجرد الخشب أنا
و لا ذاكرة للألوان فقط
لست صماء وجامدة كما يحلو لكم أن تخمنوا
لي مثلكم أوجاعي التي لم تشعروها
وحشتي
شهواتي
رغبتي بقتل من تجذب اهتمامكم عني
تلك الشامتة بي
وهي تزهو بإعجابكم المصطنع
المستندة مثلي إلى حائط ساذج لا يعنيه شيء
التي هي من خشب مثلي
ولها نفس مقاسي
ونفس طبيعتي
لكنكم تأخذون علي أن لا لغز بي
ولا سر عندي لتفضحوه
وأن من صنعني لم يعبر الحد الفاصل إلى الطيف
غير أنكم
لا ترون مني غير ما تروه
لا تنتبهون إلى زواياي التي لا تناظر فيها
و لا إلى الظلال التي تميز جسدي
لا ترون غير ما يمكنكم أن تروه
اللوحة التي أنا هي الآن
المعلقة على حائط ساذج لا يكترث لشيء
في البار الملاصق لكنيسة يطلع منها ضوء ملتبس
كاشفا الطريق للوافدين من الموتى الجدد
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads