الرئيسية » » جمال القصاص | يرفعني البحرُ إليكَ

جمال القصاص | يرفعني البحرُ إليكَ

Written By غير معرف on الخميس، 25 أبريل 2013 | أبريل 25, 2013


يرفعني البحرُ إليكَ





أكتبُ كي أحبَّ نفسي

كي احتملَ صدمةَ الرُّوحِ في المرآة

كي أقولَ ليدي: أحسنتِ صناعةَ خبزي

كي أهمسَ لامرأةٍ: أنتِ طينتي المقدسةُ

سفينةُ عمري.

ليس في جيبي صكوكٌ أو نياشينُ

على الأرجح سوف أدخلُ الجنّةَ

سأتمكنُ من تسلُّق السُّور..

لن يسألني أحدٌ ..

عن قطعةٍ من الشِّعر خبّأتُهَا تحت لساني

أو يتمسَّحُ بفروة فوضايَ.. ويضحكُ:

انكشف الغطاءُ

خُذْ طائركَ من عنقكَ

بَصَرُكَ اليومَ حديد .

في الغابة..

تاهَ العرَّافُ

لم يكتشفْ الثمرةَ

المرأةُ التي ثقُلَتْ مفاتِنُهَا عليهِ

بعد ستينَ عاماً

فكَّتْ ضفائِرهَا

تحررَّتْ من أسر اللُّوحةِ

قالتْ هذه كعكتي .. هذا وردي

هذه مريلتي .. هذا حبرُ الطفولةِ

ينشعُ في عتمة الخطوط .

هيا .. اغرس البذرةَ

سوف يرفعني البحرُ إليكَ

هيا ..خذني كموجةٍ

علِّقني تميمةً في كف الشطوط.



في المحطة..

هَرْوَلتْ القصيدةُ

انفتحتْ ذراعاها بقوة الحنين

قُرْطُهَا المدملجُ لم يزلْ يخبُّ فوق طاولة المقهى

السَّاعةُ تسرقُ الوقتَ من جيوب الفراغِ

المسافرون ينهمرونَ تحت أعمدة المساء

الاحتمالُ مصادفةُ الرُّوحِ

هذه أنا .. بلا رموزٍ بلا رتوش

في النقطة الفارغةِ ينتصبُ العالمُ عارياً على قدميهِ

يلفُّني كطفلةٍ في عباءة البحر

أشربُ ولا أرتوي

أتحسَّسُ أجنحتي وهي تختصرُ السَّماءَ

لم يجلبْ لي أحدٌ بطاقةً بريديّةً في عيد الميلاد

لم يُهْدني شرائطَ ملوّنةً

عشتُ سنواتِ الوهم وحدي

كلَّ يوم أحسبُ كم رشفةً في الكوبِ

كم شوكةً سأقيسُ بها حياتي.



أمس سهرتُ قربَ نافذتِكَ

شربتُ الليلَ

بعثرتُ نفسي

جَمَعْتُهَا في رنَّة صوتِكَ

أحببتُ وجهيَ في غبشة المرآةِ

عشرون عاماً لم أسمعْ كلمة أحبُّكِ.

حان وقتُ الرحيلِ

مَنْ سيحملُ الآخرَ ؟

دقائقُ وينطلقُ القطارُ

معي الوثيقةُ ..

معي شطائرُ اللّحمِ

معي سحابةٌ نائمةٌ في الحقيبةِ

معي ظمأ شبَّ في الكراسِ

أنا الأسرعُ في تقليب السُّكر

هل ستذكرني الإسكندريةُ ؟

أنا الولدُ الذي ولِدَ في حقل الكزبرةِ

جدي كان يقرعُ النَّاقوسَ

وكلما اشتدَّتْ النوَّةُ

كان يلفلفُ القلبَ في طوايا الشَّبك

وينتظرُ العروسَ

تخرجُ في زفَّة الأمواج ..

هنا .. على الكورنيش

خلعتْ الشمسُ خُلخَالهَا

وارتمتْ في حِضنك.

الهواءُ ارتبكَ في شفتيكِ

كم قبلةً ستحرَّرُ العتباتِ من لوثة الجغرافيا

أنتِ طيبةٌ يا حبيبتي

وجهكِ طيبٌ ..عيناكِ طيبتان .



رفعَتْ رأسَهَا من فوق كتفي

يدُهَا النّائمةُ في حضن كفي استيقظتْ

بدأتْ الرحلةُ ..

والسَّحابةُ لم تزل نائمةً في الحقيبة .هل كان ضرورياً أن تولدَ ؟

هل سأظلُّ غريباً حين ألمسكَ

أيها الرجلُ الطاعنُ في العشق ؟

ألم نتقابلْ في محطة المترو ؟

ألم نتشاجرْ في طابور الخبز؟

ألم تقلْ لي سألقاكَ - يوماً - في

الإسكندرية .؟!









من ديوان جديد للشاعر بعنوان

«فراغات صوتية»
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads